للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضير في ذلك.

ولتحقيق الهدف الأساسي من تفويت الفرصة على قريش في أن لا تعد العدة ولا تواجه الحرب كان لا بد من استعراض القوات الإسلامية المسلحة أمام أبي سفيان وذلك عند خطم الجبل حتى ييأس نهائيا من المقاومة فيقنع قريشا بضرورة الاستسلام وها هي نفسيته تلوح وهو يشهد قبائل العرب التي كانت قبل عامين كلها معه ضد محمد. فيقول وهو يرى الكتيبة الخضراء بعد أن هدته القبائل (ما رأيت مثل هذه الكتيبة قط ولاخبرنيه مخبر ما لأحد به طاقة ولا يدان، لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما). إنها خطتان تمشيان جنبا إلى جنب.

الخطة الأولى: تلامس نفس هذا القائد في أعماقه وتدعوه إلى الإسلام لتفت في عضد قريش فماذا بعد إسلام قائدها الأكبر أو استسلامه.

الخطة الثانية: أن يحطم نفسية المقاومة عنده بحيث يشهد بأم عينه جيش النبوة الذي تهتز الأرض اعتزازا به. وهو يعلم أنه فشل في حربه ولما يتجاوز جيش محمد ثلاثمائة رجل فكيف به أمام عشرة آلاف مقاتل؟

ولا يسعنا قبل أن نغادر أبا سفيان أن نعرض له وهو يرى سيف عمر بن الخطاب ينتظر أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليهوي عليه فيقطع رأسه عن جسده. ويرى إلحاح عمر وإلحاح العباس فيه حتى ليكادان يختصمان عليه وفيه. فيحميه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويراجع رصيده قبل عامين وهو في بلاط قيصر الذي يقسم أن محمدا سيطأ ما بين رجليه. وأنه يتمنى أن يكون عنده فيقبل الأرض بين قدميه ونستطيع القول، أن إنهاء أبي سفيان من المعركة هو القضاء على ثلثي العدو فيها. وكم يكون ربح الحركة الإسلامية في القمة حين ينهى جيش العدو بالإجهاز على قائده. وليس إجهاز الإفناء، بل هو إدخاله في الإسلام. وأن تجتنب معركة بتحييد قائدها لصالح الإسلام مع أن الطريق الوحيد لذلك هو القوة الرادعة القادرة على أن تقنع هذا القائد فتعطيه عوضا عن الذل، حلما وكرما وصلة تجعله يفدي أمير المسلمين بأمه وأبيه. إنه الشرط الطويل لكنه هو الطريق.

نصر الله والفتح

رجوع أبي سفيان إلى أهل مكة:

قال: قلت النجاء إلى قومك، حتى إذا جاءهم صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، فقامت إليه هند بنت عتبة

<<  <  ج: ص:  >  >>