عمرو. وإسلام كل واحد منهم ملحمة فخار في تاريخ هذه الدعوة.
أما عكرمة: فهو الذي قال لابن عمه خالد عندما دعاه للإسلام: لو لم يبق غيري ما اتبعته أبدا.
ولاذ بالفرار إلى اليمن لينهي حياته هناك. غير أن المفاجأة أذهلته وهو يرى زوجه قد قدمت إليه وحسب أنها فارة إليه. ولكنها الآن تدعوه إلى أمان محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - وعكرمة يعرف عهد محمد ووفاءه وكراهيته للغدر.
وعلى الصيغة نفسها كانت دعوة صفوان بن أمية للإسلام إذ لحق به صديقه السابق عمير بن وهب أما سهيل فاختبأ في بيته ينتظر أمانا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاه إياه.
وطبيعي أن يفر هؤلاء الثلاثة أو يختبئوا. فقد رفضوا الأمان الأول، وحاربوا الجيش الإسلامي، وأعلنوا العداء الصريح الواضح أن لا لقاء مع محمد إلا من خلال السيف.
لكن حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على طوي صفحة الحرب حتى مع هؤلاء القادة المحاربين. كان واضحا بحيث أعطى أمانه لهم دون تردد. وحمل هذا الأمان زوجة وولد وصديق.
(وطلبت أم حكيم أمانا لعكرمة وقد هرب إلى اليمن. فأمنه. فخرجت إليه حتى قدم، فلما دنا من مكة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرا، فلا تسبوا أباه. فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ إليه! فلما رآه وثب إليه فرحا، فوقف ومعه امرأته متقبة، فقال: يا محمد إن هذه أخبرتني أنك أمنتني. فقال: صدقت. فأنت آمن: فأسلم)(١).
وحين تذكر الخالدات في التاريخ تبرز أم حكيم في ذروتهن. فهي التي استطاعت أن يغلب حكمها جهلها والمرأة تنطلق من الحب والكره أكثر بكثير من الرجل. ولم تكتف بذلك بل اعتبرت رسالتها الحقيقة هي أن تقنع زوجها بالإسلام، وكم تثق بنفسها حين تقطع الأرض إلى اليمن باحثة عن زوجها تدعوه إلى أمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وطامحة إلى إسلامه. وهي في أعتى بيئة عداء للإسلام. فأبوها الحارث بن هشام، الذي لم يدخل الإسلام بعد، وعمها أبو جهل، وزوجها عكرمة. فالبيئة تنضح بالكره لمحمد والحقد عليه. ومع ذلك استطاعت أن تتجاوز هذا كله. وتمضي الداعية العظيمة في فجاج الأرض لتعود بزوجها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ومدرسة النبوة الحية في عظمة حلمها وصلتها وبرها تجل عن الوصف. حتى إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوصي المسلمين بالامتناع عن سب أبي جهل أمام عكرمة. وتوارث سب أبي جهل في الصف