للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجو لقدومه ويقول في صحبه: هذا ابن الزبعري ومعه وجه فيه نور الإسلام ولا يغيب عن البال الشاعر الفحل الآخر، كعب بن زهير الذي فر هاربا إلى الطائف فجاءته رسالة أخيه المسلم بجير. بن زهير يقول فيها:

من مبلغ كعبا فهل لك في التي ... تلوم عليها باطلا وهو أحزم

إلى الله لا العزى ولا اللات وحده ... فتنجو إذا كان النجاء وتسلم

لدي يوم لا ينجو وليس بمفلت ... من الناس إلا طاهر القلب مسلم

فدين زهير وهو لا شيء دينه ... ودين أبي سلمى علي محرم

فلما بلغ كعب الكتاب ضاقت به الأرض وأشفق على نفسه، وأرجف به من كان في حاضره من عدوه وقالوا: هو مقتول. فلما لم يجد من شيء بد قال قصيدته التي يمدح بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر فيها خوفه وإرجاف الوشاة به. ثم خرج حتى قدم المدينة فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة من جهينة، كما ذكر لي، فغدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الصبح فصلى مع رسول الله ثم أشار له إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - فقال هذا رسول الله فقم إليه فاستأمنه فذكر لي أنه قام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس إليه ووضع يده في يده وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعرفه فقال:

يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما فهل أنت قابل منه إن جئتك به؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم. فقال: إذن أنا يا رسول الله كعب بن زهير.

قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمرو بن قتادة أنه وثب عليه رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله دعني وعدو الله أضرب عنقه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعه عنك فإنه جاء تائبا نازعا (١).

وكان مما قاله:

نبئت أن رسول الله أوعدني ... والعفو عند رسول الله مأمول

مهلا هداك الذي أعطاك نافلة ... القرآن فيها مواعيظ وتفصيل

إن الرسول لنور يستضاء به ... مهندمن سيوف الله مساول

في عصبة من قريش قال قائلهم ... ببطن مكة لما أسلموا زولوا

نسوة قريش: وأسلمت هند بنت عتبة، وأم حكيم بنت الحارث امرأة عكرمة بن أبي جهل، والبغوم بنت المعذل امرأة صفوان بن أمية، وفاطمة بنت الوليد بن المغيرة، وهند بنت منبه ابن الحجاج أم عبد الله بن عبرو بن العاص في عشرة نسوة من قريش، فأتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأبطح، وعنده زوجتاه وفاطمة ابنته، في نساء من نساء بني عبد المطلب، فبايعته ولم تمس يده يد


(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>