وطائفة إلى أوطاس، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أوطاس طائفة من المطاردين يقودهم أبو عامر الأشعري، فناوش الفريقان القتال قليلا، ثم انهزم جيش المشركين، وفي هذه المناوئة قتل القائد أبو عامر الأشعري. وطاردت طائفة أخرى من فرسان المسلمين فلول المشركين الذين سلكوا نخلة. فأدركت دريد بن الصمة فقتله ربيعة بن رفيع. وأما معظم فلول المشركين الذين لجؤوا إلى الطائف فتوجه إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه بعد أن جمع الغنائم.
الغنائم: وكانت الغنائم: السبي ثلاثة آلاف رأس، والإبل أربعة وعشرون ألفا والغنم أكثر من أربعين ألف شاة، وأربعة آلاف أوقية فضة، أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجمعها ثم حبسها بالجعرانة، وجعل عليها مسعود بن عمرو الغفاري، ولم يقسمها حتى فرغ من غزوة الطائف. وكانت في السبي الشيماء بنت الحارث السعدية، أخت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة فلما جيء بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرفت نفسها فعرفها بعلامة فأكرمها، وبسط لها رداءه وأجلسها عليه، ثم من عليها، وردها إلى قومها.
غزوة الطائف: وهذه الغزوة في الحقيقة امتداد لغزوة حنين، وذلك أن معظم فلول هوازن وثقيف دخلوا الطائف مع القائد العام - مالك بن عوف النصري - وتحصنوا بها، فسار إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد فراغه من حنين وجمع الغنائم بالجعرانة في نفس الشهر. شوال سنة ٨ هـ وقدم خالد بن الوليد على مقدمته طليعة من ألف رجل، ثم سلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف فمر في طريقه على النخلة اليمانية، ثم قرن المنازل، ثم على لية، وكان هناك حصن لمالك بن عوف فأمر بهدمه ثم واصل سيره حتى انتهى إلى الطائف. فنزل قريبا من حصنه، وعسكر هناك، وفرض الحصار على أهل الحصن ودام الحصار مدة غير قليلة ففي رواية أنس عند مسلم أن مدة حصارهم كانت أربعين يوما، وعند أهل السير خلاف في ذلك فقيل عشرين يوما، وقيل بضعة عشر، وقيل ثمانية عشر، وقيل خمسة عشر. ووقعت في هذه المدة مراماة ومقاذفات. فالمسلمون أول ما فرضوا الحصار رماهم أهل الحصن رميا شديدا كأنه رجل جراد حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة، وقتل منهم اثنا عشر رجلا واضطروا إلى الارتفاع عن معسكرهم إلى مسجد الطائف اليوم، فعسكروا هناك.
ونصب النبى - صلى الله عليه وسلم - المنجنيق على أهل الطائف، وقذف به القذائف، حتى وقعت شرخة في جدار الحصن. فدخل نفر من المسلمين تحت دبابة، ودخلوا بها إلى الجدار ليخرقوه. فأرسل عليهم العدو سكك الحديد المحماة فخرجوا من تحتها، فرموهم بالنبل، وقتلوا منهم رجالا.
وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كجزء من سياسة الحرب لإلجاء العدو إلى الاستسلام - أمر بقطع الأعناب وتحريقها، فقطعها المسلمون قطعا ذريعا، فسألته ثقيف أن يدعها لله والرحم. فتركها لله والرحم. ونادى مناديه - صلى الله عليه وسلم -: أيما عبد نزل من الحصن، وخرج إلينا فهو حر، فخرج إليهم ثلاثة