(تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم، وصيامكم إلى صيامهم). لكنهم يضعون أنفسهم موضع القاضي، وموضع المفتي، وموضع إصدار الأحكام. وهذه الظاهرة المرضية. لا بد من التفريق بينها وبين ظاهرة النصيحة والاستفسار والسؤال.
فسعد رضي الله عنه والأنصار رضي الله عنهم عتبوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رأوا أنهم محرومون من هذا المال، لكن بقي الأمر خلال السؤال والاستفسار لا من باب الإقرار بينما وجدنا ذا الخويصرة تدفعه جرأته أن يتهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عدله.
ثامنا: ولا بد من التفريق بين موقف الجندي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وموقف الجندي من أمير جماعته. فالشك في عدل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفر بواح. أما الشك في عدالة القائد فلا يدخل في هذا الإطار. إنما يدخل في إطار الخطأ التنظيمي الذي يفسد صف الجماعة ويفتت تماسكها.
تاسعا: ويبقى الجندي المجاهد أعظم في ميزان الله وميزان قيادته من كل قوى الأرض الأخرى وزعاماتها وقياداتها. طالما أنها تنطلق من مصلحتها لا من دينها. ويبقى جعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض مثل عيينة والأقرع، وكلاهما قد دخل في الإسلام حديثا. ونالا من الإكرام ما لا يوصف.
عاشرا: وبقيت ثقيف دون أن تنهار معاقلها بالقوة والمواجهة، لتنهار بعد ذلك من خلال حرب العصابات التي شنها عليها مالك بن عوف رئيس هوازن، ومن خلال الحرب النفسية التي زلزلت كيانها فأقنعتها ألا جدوى من المقاومة.