للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد تم خلال الحج الماضي إزالة الأصنام من مكة فقط وكانت تظاهرة عمرة الجعرانة قبيل الحج فقط. غير أن إعلان الأحكام الإسلامية في منى يوم النحر كان من الأهمية بمكان ويعني أن شريعة الله سوف تطبق كل أحكامها وعلى الناس جميعا خلال مدة زمنية أقصاها أربعة أشهر إلى السنة فخلال سنة وحتى يحل الحج القادم فيمكن التساهل وغض النظر عن بعض مظاهر الشرك في البيت الحرام، أما الذين كان لهم وجود قانوني ثابت من خلال عهود ومواثيق مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم} لكن استمرار الشرك بصورة دائمة فهذا مرفوض في شريعة الله في مكة وجزيرة العرب فالعهود المفتوحة بدون قيد، والتجمعات المشركة القائمة بدون عهد حدد الإنذار النهائي لها أربعة أشهر لإعلان الإنضمام إلى المسلمين أو المواجهة معهم.

{براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفرر رحيم وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون} (١).

وكان هذا الإعلان الرسمي بمثابة حل لأحزاب الشرك والوثنية في أرض العرب، إلا التي أقامت وجودها بإذن خاص من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وأهم ما يحسن أن تعيه الحركة الإسلامية من هذا الإعلان أن تفقه قصة التدرج في الحكم والأحكام والخطوات المرحلية المؤدية إلى الهدف، وشرف التعامل والعهود والمواثيق مع الآخرين.

وإننا لنذكر الشباب الدعاة أنه ما بين تطبيق أحكام الإسلام في الشعائر وما بين فتح مكة سنتان تماما. وكان بإمكان النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن انتهى من هوازن وحنين وما حولها مظفرا منتصرا. أن يقيم في مكة إلى الحج، ويمنع خلال شهر أداء كل هذه الشعائر إذ أنه دخل مكة عليه الصلاة والسلام في ذي القعدة ولكن العبادات لا تتم بالحظر فقط، وبالأمر فقط لقد غادر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة قبيل الحج وجعل أميرا على المسلمين في مكة عتاب بن أسيد الشاب الذي لم يمض على إسلامه شهران أو أكثر، وبقي عتاب بن أسيد رضي الله عنه مع


(١) براءة ١ - ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>