الأول: هو الكميات الضخمة من الجلود التي حملها الوفد هدايا معه لكل جهاز الحكم في الحبشة.
الثاني: اختيار الوفد على أرفع المستويات في مكة من حيث الحكمة والحنكة والدهاء والذكاء.
الثالث: الصداقة الوثيقة بين عمرو بن العاص أحد أعضاء الوفد، والنجاشي ملك الحبشة.
وحين يراجع المرء الخطة التي شارك ذكاء عمرو بن العاص في وضعها لا يشك لحظة في نجاحها، ويكفي أن نعلم أن عمرو هو الذي كان داهية المسلمين فيما بعد، وهو الذي أطلق عليه الفاروق عمر رضي الله عنه - أرطبون العرب - في مواجهة داهية الروم الأرطبون. وأهم عنصر في هذه الخطة هو تسليم الهدايا لجهاز الحكم الحبشي كله قبل تسليمها للنجاشي نفسه، والهدف المقصود من ذلك هو ما ذكر في النص نفسه (فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم، فإن قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم، فقالوا لهما: نعم).
إننا ونحن نتحدث عن هذه المطاردة، يمثل في ذهننا محاولات الطاغية الحاقد النصيري في سوريا في مطاردة المجاهدين المسلمين في الأردن والعراق والسعودية وغيرها، ونذكر الخطط الجهنمية الرهيبة التي تدرس على المستوى المحلي والعالمي للضغط على الحكومات المضيفة للمجاهدين المسلمين كي تسلمهم إلى الطواغيت. وكم من المرات جاءت الوفود إثر الوفود كي تستأصل الوجود الإسلامي من هذه الأقطار، وباءت بالفشل الذريع بعد ذلك ونفذت الخطة تماما كما أعدت، وقام البطارقة بدورهم على خير وجه كلفوا به من قريش وكان حديث الوفد القرشي في أعلى مستويات الذكاء. فقد جعلوا المسلمين على دين مرفوض من الفريقين، وبمعنى آخر هو خطر على الفريقين،
كما حاولوا أن يستفزوا مشاعر النجاشي في عدم دخول المسلمين في دينه، وأظهروا حرصهم الشديد على مصلحة الحبشة والنجاشي. وآخر معنى من المعاني التي ركز عليها الوفد القرشي هو أن قومهم وأشرافهم أعلم بهم،