عَفْوًا، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مِقْدَارِ الْأَكْثَرِ. فَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْهُ: وَإِنْ قُطِعَ مِنْ الذَّنَبِ أَوْ الْأُذُنِ أَوْ الْعَيْنِ أَوْ الْأَلْيَةِ الثُّلُثُ أَوْ أَقَلُّ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّ الثُّلُثَ تَنْفُذُ فِيهِ الْوَصِيَّةُ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْوَرَثَةِ فَاعْتُبِرَ قَلِيلًا، وَفِيمَا زَادَ لَا تَنْفُذُ إلَّا بِرِضَاهُمْ فَاعْتُبِرَ كَثِيرًا، وَيُرْوَى عَنْهُ الرُّبُعُ لِأَنَّهُ يَحْكِي حِكَايَةَ الْكَمَالِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ، وَيُرْوَى الثُّلُثُ لِقَوْلِهِ ﵊ فِي حَدِيثِ الْوَصِيَّةِ «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إذَا بَقِيَ الْأَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ أَجْزَأَهُ اعْتِبَارًا لِلْحَقِيقَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: أَخْبَرْت بِقَوْلِي أَبَا حَنِيفَةَ، فَقَالَ قَوْلِي هُوَ قَوْلُك. قِيلَ هُوَ رُجُوعٌ مِنْهُ إلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ قَوْلِي قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِك. وَفِي كَوْنِ النِّصْفِ مَانِعًا رِوَايَتَانِ عَنْهُمَا كَمَا فِي انْكِشَافِ الْعُضْوِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، ثُمَّ مَعْرِفَةُ الْمِقْدَارِ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ مُتَيَسَّرٌ، وَفِي الْعَيْنِ قَالُوا: تُشَدُّ الْعَيْنُ الْمَعِيبَةُ بَعْدَ أَنْ لَا تَعْتَلِفَ الشَّاةُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ يُقَرَّبُ الْعَلَفُ إلَيْهَا قَلِيلًا قَلِيلًا، فَإِذَا رَأَتْهُ مِنْ مَوْضِعٍ أُعْلِمَ عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ تُشَدُّ عَيْنُهَا الصَّحِيحَةُ وَقُرِّبَ إلَيْهَا الْعَلَفُ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى إذَا رَأَتْهُ مِنْ مَكَان أُعْلِمَ عَلَيْهِ. ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى تَفَاوُتِ مَا بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ ثُلُثًا فَالذَّاهِبُ الثُّلُثُ، وَإِنْ كَانَ نِصْفًا فَالنِّصْفُ.
قَالَ (وَيَجُوزُ أَنْ) (يُضَحِّيَ بِالْجَمَّاءِ) وَهِيَ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا لِأَنَّ الْقَرْنَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَقْصُودٌ، وَكَذَا مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ لِمَا قُلْنَا (وَالْخَصِيِّ) لِأَنَّ لَحْمَهَا أَطْيَبُ وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ» (وَالثَّوْلَاءِ) وَهِيَ الْمَجْنُونَةُ، وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَتْ تَعْتَلِفُ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَعْتَلِفُ فَلَا تُجْزِئُهُ.
وَالْجَرْبَاءُ إنْ كَانَتْ سَمِينَةً جَازَ لِأَنَّ الْجَرَبَ فِي الْجِلْدِ وَلَا نُقْصَانَ فِي اللَّحْمِ، وَإِنْ كَانَتْ مَهْزُولَةً لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْجَرَبَ فِي اللَّحْمِ فَانْتَقَصَ. وَأَمَّا الْهَتْمَاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا أَسْنَانَ لَهَا؛ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْأَسْنَانِ الْكَثْرَةُ وَالْقِلَّةُ، وَعَنْهُ إنْ بَقِيَ مَا يُمْكِنُهُ الِاعْتِلَافُ بِهِ أَجْزَأَهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ. وَالسَّكَّاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا أُذُنَ لَهَا خِلْقَةً
أَقُولُ: هَذَا لَيْسَ بِسَدِيدٍ، إذْ لَا يَذْهَبُ عَلَيْك أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيمَا قَبْلُ مَا يَجُوزُ بِهِ الْأُضْحِيَّةُ، وَإِنَّمَا يَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بِالْجَمَّاءِ وَالْخَصِيِّ وَالثَّوْلَاءِ إلَى آخِرِهِ. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ فِيمَا قَبْلُ إنَّمَا هُوَ صِفَةُ الْأُضْحِيَّةِ مِنْ الْوُجُوبِ أَوْ السُّنِّيَّةِ وَشَرَائِطُهَا مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَنَحْوِهِمَا، وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ وَعَدَدِ مَنْ يُذْبَحُ عَنْهُ كُلٌّ مِنْ الشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ وَالْبَدَنَةِ وَأَوَّلِ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَعَدَدِ أَيَّامِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَاتِيكَ الْأُمُورِ مِنْ الْفُرُوعِ وَالْأَحْكَامِ كَمَا حَقَّقَهُ مِنْ قَبْلُ، وَلَعَلَّ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ تَدَارَكَهُ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَقَامِ: هَذَا بَيَانُ مَا لَا يَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ مَا يَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهِ
(قَوْلُهُ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مِقْدَارِ الْأَكْثَرِ إلَخْ) أَقُولُ تَطْبِيقُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ عَلَى عِبَارَةِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ مُشْكِلٌ، لِأَنَّ عِبَارَتَهَا أَكْثَرُ أُذُنِهَا وَذَنَبِهَا بِصِيغَةِ التَّفْضِيلِ إلَى الْأُذُنِ وَالذَّنَبِ، وَهِيَ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ الْبَاقِي مِنْهَا أَقَلَّ، وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute