للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا تَجُوزُ، لِأَنَّ مَقْطُوعَ أَكْثَرِ الْأُذُنِ إذَا كَانَ لَا يَجُوزُ فَعَدِيمُ الْأُذُنِ أَوْلَى

(وَهَذَا) الَّذِي ذَكَرْنَا (إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْعُيُوبُ قَائِمَةً وَقْتَ الشِّرَاءِ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا سَلِيمَةً ثُمَّ تَعَيَّبَتْ بِعَيْبٍ مَانِعٍ إنْ كَانَ غَنِيًّا عَلَيْهِ غَيْرُهَا، وَإِنْ فَقِيرًا تُجْزِئُهُ هَذِهِ) لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْغَنِيِّ بِالشَّرْعِ ابْتِدَاءً لَا بِالشِّرَاءِ فَلَمْ تَتَعَيَّنْ بِهِ، وَعَلَى الْفَقِيرِ بِشِرَائِهِ بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ فَتَعَيَّنَتْ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ نُقْصَانِهِ كَمَا فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ، وَعَنْ هَذَا الْأَصْلِ قَالُوا: إذَا مَاتَتْ الْمُشْتَرَاةُ لِلتَّضْحِيَةِ؛ عَلَى الْمُوسِرِ مَكَانَهَا أُخْرَى وَلَا شَيْءَ عَلَى الْفَقِيرِ، وَلَوْ ضَلَّتْ أَوْ سُرِقَتْ فَاشْتَرَى أُخْرَى ثُمَّ ظَهَرَتْ الْأُولَى فِي أَيَّامِ النَّحْرِ عَلَى الْمُوسِرِ ذَبْحُ إحْدَاهُمَا وَعَلَى الْفَقِيرِ ذَبْحُهُمَا (وَلَوْ أَضْجَعَهَا فَاضْطَرَبَتْ فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهَا فَذَبَحَهَا أَجْزَأَهُ اسْتِحْسَانًا) عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، لِأَنَّ حَالَةَ الذَّبْحِ وَمُقَدِّمَاتِهِ مُلْحَقَةٌ بِالذَّبْحِ فَكَأَنَّهُ حَصَلَ بِهِ اعْتِبَارًا وَحُكْمًا (وَكَذَا لَوْ تَعَيَّبَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَانْفَلَتَتْ ثُمَّ أُخِذَتْ مِنْ فَوْرِهِ، وَكَذَا بَعْدَ فَوْرِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) لِأَنَّهُ حَصَلَ بِمُقَدِّمَاتِ الذَّبْحِ.

قَالَ (وَالْأُضْحِيَّةُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ)

غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ. أَمَّا فِي رِوَايَةِ الرُّبُعِ وَرِوَايَةِ الثُّلُثِ فَظَاهِرٌ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الرُّبُعَ لَيْسَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ وَلَا الثُّلُثَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ.

وَأَمَّا فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ مِنْ الثُّلُثِ فَلِأَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ إذْ لَمْ يُجَاوِزْ النِّصْفَ لَمْ يَصِرْ أَكْثَرَ الْكُلِّ، وَفِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ مِنْ الثُّلُثِ عَنْهُ لَمْ يَشْتَرِطْ تَجَاوُزَ النِّصْفِ وَلَا الْوُصُولَ إلَى النِّصْفِ، بَلْ اعْتَبَرَ الزِّيَادَةَ عَلَى الثُّلُثِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَمْ يَلْزَمْ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَيْضًا ذَهَابُ أَكْثَرِ الْأُذُنِ وَالذَّنَبِ، فَكَيْفَ يَرْبُطُ قَوْلَهُ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مِقْدَارِ الْأَكْثَرِ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ، فَإِنْ قُلْت: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ فِي عِبَارَةِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ مَعْنَى التَّفْضِيلِ، بَلْ هُوَ بِمَعْنَى الْكَثِيرِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي بَيَانِ وَجْهِ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ مِنْ الثُّلُثِ، وَفِيمَا زَادَ لَا تَنْفُذُ إلَّا بِرِضَاهُمْ فَاعْتُبِرَ كَثِيرًا.

وَقَوْلُهُ فِي بَيَانِ وَجْهِ رِوَايَةِ الثُّلُثِ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْوَصِيَّةِ «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» ثُمَّ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ أَيْضًا الْكَثِيرَ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْجُزْءِ الْبَاقِي وَإِلَّا يَعُودُ الْمَحْذُورُ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْكَثِيرُ فِي نَفْسِهِ، وَالْإِضَافَةُ إلَى الْأُذُنِ وَالذَّنَبِ لِمُجَرَّدِ بَيَانِ مَحَلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>