للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُفَلِّي رَأْسَهُ، وَكَذَا إذَا كَانَ شَيْخًا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا لِمَا قُلْنَا، فَإِنْ كَانَ لَا يَأْمَنُ عَلَيْهَا لَا تَحِلُّ مُصَافَحَتُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْرِيضِ لِلْفِتْنَةِ. وَالصَّغِيرَةُ إذَا كَانَتْ لَا تُشْتَهَى يُبَاحُ مَسُّهَا وَالنَّظَرُ إلَيْهَا لِعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ.

قَالَ (وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي إذَا أَرَادَ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهَا وَلِلشَّاهِدِ إذَا أَرَادَ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا النَّظَرُ إلَى وَجْهِهَا وَإِنْ خَافَ أَنْ يَشْتَهِيَ) لِلْحَاجَةِ إلَى إحْيَاءِ حُقُوقِ النَّاسِ بِوَاسِطَةِ الْقَضَاءِ وَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَ بِهِ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ أَوْ الْحُكْمَ عَلَيْهَا لَا قَضَاءَ الشَّهْوَةِ تَحَرُّزًا عَمَّا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ وَهُوَ قَصْدُ الْقَبِيحِ. وَأَمَّا النَّظَرُ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ إذَا اشْتَهَى قِيلَ يُبَاحُ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ مَنْ لَا يَشْتَهِي فَلَا ضَرُورَةَ، بِخِلَافِ حَالَةِ الْأَدَاءِ.

(وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَشْتَهِيهَا) لِقَوْلِهِ فِيهِ «أَبْصِرْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» وَلِأَنَّ مَقْصُودَهُ إقَامَةُ السُّنَّةِ لَا قَضَاءُ الشَّهْوَةِ.

(وَيَجُوزُ لِلطَّبِيبِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَوْضِعِ الْمَرَضِ مِنْهَا) لِلضَّرُورَةِ (وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَلِّمَ امْرَأَةً مُدَاوَاتَهَا) لِأَنَّ نَظَرَ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ أَسْهَلُ (فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا يَسْتُرُ كُلَّ عُضْوٍ مِنْهَا سِوَى مَوْضِعِ الْمَرَضِ) ثُمَّ يَنْظُرُ وَيَغُضُّ بَصَرَهُ مَا اسْتَطَاعَ؛ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِالضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا وَصَارَ كَنَظَرِ الْخَافِضَةِ وَالْخَتَّانِ.

(وَكَذَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ النَّظَرُ إلَى مَوْضِعِ الِاحْتِقَانِ مِنْ الرَّجُلِ)

إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا كَانَتْ شَابَّةً تُشْتَهَى، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عَطْفُهَا عَلَى قَوْلِهِ إذَا كَانَتْ عَجُوزًا لَا تُشْتَهَى، وَلَا شَكَّ أَنَّ الشَّابَّةَ الْمُشْتَهَاةَ مِمَّنْ تَدْعُو النَّفْسُ إلَى مَسِّهَا فَكَانَتْ دَاخِلَةً تَحْتَ النَّصِّ الْمَذْكُورِ فَلَا مَحَالَةَ يَكُونُ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ لِمَا قُلْنَا تَعْلِيلًا فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ. فَإِنْ قُلْت: تِلْكَ الْمَسْأَلَةُ مُقَيَّدَةٌ بِأَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا فَلَا تَتَحَقَّقُ دَعْوَتُهَا النَّفْسَ إلَى مَسِّهَا فِي تِلْكَ الصُّورَةِ.

قُلْت: إنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ دَعْوَتُهَا النَّفْسَ إلَى مَسِّهَا بِالْفِعْلِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ فَمِنْ شَأْنِهَا ذَلِكَ فِي كُلِّ حَالٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي النَّصِّ الْمَذْكُورِ هِيَ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ لَأَنْ تَدْعُوَ النَّفْسَ إلَى مَسِّهَا لَا الَّتِي تَحَقَّقَتْ فِيهَا دَعْوَتُهَا إلَيْهِ بِالْفِعْلِ.

وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يَثْبُتَ حُرْمَةُ مَسِّ الرَّجُلِ الشَّابِّ الْمَرْأَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ الشَّابَّةَ إذَا أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا تَأَمَّلْ تَقِفْ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا كَانَ شَيْخًا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا) قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: اشْتِرَاطُ أَمْنِهِ عَلَيْهَا مَحَلُّ تَأَمُّلٍ لِعَدَمِ كَوْنِ ذَلِكَ فِي وُسْعِهِ لِعَدَمِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ اهـ. أَقُولُ: يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ بِالْقَرَائِنِ الْحَالِيَّةِ أَوْ بِالتَّجْرِبَةِ فِي نَظَائِرِهَا، فَجَازَ اشْتِرَاطُ أَمْنِهِ عَلَيْهَا أَيْضًا بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لَا يَأْمَنُ عَلَيْهَا لَا تَحِلُّ مُصَافَحَتُهَا) قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: تَخْصِيصُ عَدَمِ أَمْنِهِ بِكَوْنِهِ عَلَيْهَا غَيْرُ ظَاهِرٍ أَيْضًا، فَإِنْ جَعَلْنَا الضَّمِيرَ فِي عَلَيْهَا لِلنَّفْسِ يَلْزَمُ التَّخْصِيصُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ انْتَهَى.

أَقُولُ: الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهَا لِلْمَرْأَةِ، وَوَجْهُ تَخْصِيصِ عَدَمِ الْأَمْنِ عَلَيْهَا بِالذِّكْرِ ظَاهِرٌ وَهُوَ حُصُولُ الْعِلْمِ بِحُكْمِ عَدَمِ الْأَمْنِ عَلَى نَفْسِهِ دَلَالَةً مِنْ بَيَانِ حُكْمِ عَدَمِ الْأَمْنِ عَلَيْهَا عِبَارَةً، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ تَحِلَّ مُصَافَحَتُهَا عِنْدَ عَدَمِ الْأَمْنِ عَلَيْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِ الْغَيْرِ لِلْفِتْنَةِ فَلَأَنْ لَا تَحِلَّ مُصَافَحَتُهَا عِنْدَ عَدَمِ الْأَمْنِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ لِلْفِتْنَةِ بِنَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي إذَا أَرَادَ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهَا، وَلِلشَّاهِدِ إذَا أَرَادَ الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا النَّظَرُ إلَى وَجْهِهَا، وَإِنْ خَافَ أَنْ يَشْتَهِيَ لِلْحَاجَةِ إلَى إحْيَاءِ حُقُوقِ النَّاسِ بِوَاسِطَةِ الْقَضَاءِ وَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ) قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَقَدْ يُنَوَّرُ ذَلِكَ بِإِبَاحَةِ النَّظَرِ إلَى الْعَوْرَةِ الْغَلِيظَةِ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>