للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَشْبَهَ الْوَكِيلَ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ وَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ وَالْقِسْمَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَهَذِهِ أَشْبَهُ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ حَتَّى يَكُونَ خَصْمًا قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا يَكُونُ خَصْمًا قَبْلَ الْأَخْذِ هُنَالِكَ. وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَا يَكُونُ خَصْمًا قَبْلَ مُبَاشَرَةِ الشِّرَاءِ

بِالِاسْتِقْرَاضِ بِالنَّظَرِ إلَى قَبْضِ مِثْلِ الدَّيْنِ ابْتِدَاءً وَوَكِيلٌ بِالتَّمَلُّكِ بِالنَّظَرِ إلَى الْمُقَاصَّةِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَوْنُهُ خَصْمًا حُكْمٌ مُتَرَتِّبٌ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فَلَا غُبَارَ عَلَى الْجَوَابِ (فَأَشْبَهَ) أَيْ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ (الْوَكِيلُ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ) يَعْنِي أَنَّهُ أَشْبَهَ ذَلِكَ فِي كَوْنِهِ خَصْمًا، فَإِنَّهُ إذَا أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكِيلِ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ عَلَى تَسْلِيمِ الْمُوَكِّلِ الشُّفْعَةَ تُقْبَلُ (وَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى أَخْذِ الشُّفْعَةِ: أَيْ فَأَشْبَهَ أَيْضًا الْوَكِيلَ بِالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، فَإِنَّهُ إذَا أَقَامَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالرُّجُوعِ عَلَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ الْوَاهِبَ أَخَذَ الْعِوَضَ تُقْبَلُ (وَالْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ) بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى الْوَكِيلِ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ: أَيْ فَأَشْبَهَ أَيْضًا الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ فَإِنَّهُ خَصْمٌ يُطَالِبُ بِحُقُوقِ الْعَقْدِ وَلَا يَرَى لِفَصْلِهِ عَمَّا قَبْلَهُ بِإِعَادَةِ لَفْظِ الْوَكِيلِ كَثِيرَ فَائِدَةٍ (وَالْقِسْمَةِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الشِّرَاءِ: أَيْ فَأَشْبَهَ أَيْضًا الْوَكِيلُ بِالْقِسْمَةِ.

فَإِنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُقَاسِمَ مَعَ شَرِيكِهِ وَأَقَامَ الشَّرِيكُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَبَضَ نَصِيبَهُ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ (وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الشِّرَاءِ أَيْضًا: أَيْ فَأَشْبَهَ أَيْضًا الْوَكِيلُ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنَّ الْبَائِعَ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِالْعَيْبِ تُقْبَلُ (وَهَذِهِ) أَيْ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهَذَا: أَيْ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدِّينِ (أَشْبَهَ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ) أَيْ أَشْبَهَ بِالْوَكِيلِ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ مِنْهَا بِالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ، كَذَا صَرَّحُوا بِهِ فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ شُرَّاحَ الْهِدَايَةِ قَدْ افْتَرَقُوا فِي تَفْسِيرِ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هَذَا وَتَبْيِينِ الْمُرَادِ بِالْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ هَاهُنَا فَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: أَيْ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَشْبَهَ بِالْوَكِيلِ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ، وَذَكَرَ هَذَا الْمَعْنَى صَاحِبُ الْعِنَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ أَيْضًا، لَكِنْ بِطَرِيقِ النَّقْلِ عَنْ شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِعِبَارَتَيْنِ، فَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: قَالُوا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَهَذِهِ أَيْ مَسْأَلَةُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ أَشْبَهَ بِالْوَكِيلِ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ مِنْهَا بِالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْغَايَةِ: قَالُوا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَشْبَهَ بِالْوَكِيلِ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ.

وَقَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ: أَيْ مَسْأَلَةُ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَشْبَهَ بِمَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْأُخَرِ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَا لَمْ تُوجَدْ الْمُبَادَلَةُ لَا تَثْبُتُ الْوِكَالَةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ وَقَبْضِ الدَّيْنِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ صَاحِبُ مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَالشَّارِحُ الْعَيْنِيُّ أَيْضًا، وَلَكِنْ لَمْ يُعَيِّنُوا تِلْكَ الثَّلَاثَ الْأُخَرَ مِنْ بَيْنِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ. ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ بَيَّنَ وَجْهَ الْأَشْبَهِيَّةِ بِقَوْلِهِ (حَتَّى يَكُونَ خَصْمًا قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ حَتَّى يَكُونَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ خَصْمًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَبْلَ قَبْضِ الدَّيْنِ (كَمَا يَكُونُ) أَيْ كَمَا يَكُونُ الْوَكِيلُ (خَصْمًا قَبْلَ الْأَخْذِ) أَيْ قَبْلَ أَخْذِ الْعَقَارِ (هُنَالِكَ) أَيْ فِي التَّوْكِيلِ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ (وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَا يَكُونُ خَصْمًا قَبْلَ مُبَاشَرَةِ الشِّرَاءِ) فَافْتَرَقَا.

أَقُولُ: لَا يَذْهَبُ عَلَيْك أَنَّ تَخْصِيصَ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ بِالذِّكْرِ هَاهُنَا يُشْعِرُ بِكَوْنِ الْمُرَادِ بِالْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ، وَهَذِهِ أَشْبَهَ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ هُوَ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: أَنَّ مَسْأَلَةَ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَشْبَهَ بِمَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ لِأَنَّهَا بِالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ شُرَّاحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَهَبَ إلَيْهِ فِرْقَةٌ مِنْ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ، وَاخْتَرْنَاهُ أَيْضًا فِي شَرْحِنَا هُنَالِكَ بِنَاءً عَلَى هَذَا، وَلَكِنْ بَقِيَتْ شُبْهَةٌ، وَهِيَ أَنَّ الْوَكِيلَ إنْ لَمْ يَكُنْ خَصْمًا قَبْلَ الْمُبَاشَرَةِ لِمَا وُكِّلَ بِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الْبَاقِيَةِ أَيْضًا لَا يَظْهَرُ لِتَخْصِيصِ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ بِالذِّكْرِ وَجَعْلِ الْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ إيَّاهَا فَقَطْ وَجْهٌ وَإِنْ كَانَ خَصْمًا قَبْلَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ أَيْضًا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ سِيَّمَا فِي مَسْأَلَةِ التَّوْكِيلِ بِالْقِسْمَةِ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الشَّرِيكَ الْآخَرَ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ أَنْ يُقَسِّمَ الْوَكِيلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>