للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الْمَذْبُوحِ فَإِنَّهُ حَيَاةٌ صُورَةً لَا حُكْمًا، وَلِهَذَا لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ وَبِهِ هَذَا الْقَدْرُ مِنْ الْحَيَاةِ أَوْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ أَوْ سَطْحٍ لَا يَحْرُمُ فَتُخَرَّجُ عَلَيْهِ الْمَسَائِلُ، فَنَقُولُ: إذَا قَطَعَ يَدًا أَوْ رِجْلًا أَوْ فَخِذًا أَوْ ثُلُثَهُ مِمَّا يَلِي الْقَوَائِمَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الرَّأْسِ يَحْرُمُ الْمُبَانُ وَيَحِلُّ الْمُبَانُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ بَقَاءُ الْحَيَاةِ فِي الْبَاقِي (وَلَوْ قَدَّهُ بِنِصْفَيْنِ أَوْ قَطَّعَهُ أَثْلَاثًا وَالْأَكْثَرُ مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ أَوْ قَطَعَ نِصْفَ رَأْسِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ يَحِلُّ الْمُبَانُ وَالْمُبَانُ مِنْهُ)؛ لِأَنَّ الْمُبَانَ مِنْهُ حَيٌّ صُورَةً لَا حُكْمًا؛ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ بَقَاءُ الْحَيَاةِ بَعْدَ هَذَا الْجُرْحِ، وَالْحَدِيثُ وَإِنْ تَنَاوَلَ السَّمَكَ وَمَا أُبِينَ مِنْهُ فَهُوَ مَيِّتٌ، إلَّا أَنَّ مَيْتَتَهُ حَلَالٌ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ

(وَلَوْ ضَرَبَ عُنُقَ شَاةٍ فَأَبَانَ رَأْسَهَا يَحِلُّ لِقَطْعِ الْأَوْدَاجِ) وَيُكْرَهُ هَذَا الصَّنِيعُ لِإِبْلَاغِهِ النُّخَاعَ، وَإِنْ ضَرَبَهُ مِنْ قِبَلِ الْقَفَا، إنْ مَاتَ قَبْلَ قَطْعِ الْأَوْدَاجِ لَا يَحِلُّ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ حَتَّى قَطَعَ الْأَوْدَاجَ حَلَّ

(وَلَوْ ضَرَبَ صَيْدًا فَقَطَعَ يَدًا أَوْ رِجْلًا وَلَمْ يُبِنْهُ؛ إنْ كَانَ يُتَوَهَّمُ الِالْتِئَامُ وَالِانْدِمَالُ فَإِذَا مَاتَ حَلَّ أَكْلُهُ)؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ أَجْزَائِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُتَوَهَّمُ بِأَنْ بَقِيَ مُتَعَلِّقًا بِجِلْدِهِ حَلَّ مَا سِوَاهُ لِوُجُودِ الْإِبَانَةِ مَعْنًى وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعَانِي.

قَالَ (وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَالْوَثَنِيِّ)؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الذَّبَائِحِ، وَلَا بُدَّ مِنْهَا فِي إبَاحَةِ الصَّيْدِ بِخِلَافِ النَّصْرَانِيِّ وَالْيَهُودِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ اخْتِيَارًا فَكَذَا اضْطِرَارًا.

قَالَ (وَمَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَهُ وَلَمْ يُثْخِنْهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ فَرَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ فَهُوَ لِلثَّانِي وَيُؤْكَلُ)؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْآخِذُ، وَقَدْ قَالَ «الصَّيْدُ لِمَنْ أَخَذَ» (وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَثْخَنَهُ فَرَمَاهُ الثَّانِي فَقَتَلَهُ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَلَمْ يُؤْكَلْ)

الْمُبَانُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ: أَيْ أُبِينَ مِنْ الْحَيِّ حَقِيقَةً وَحُكْمًا

أَقُولُ: الْمُقَدَّمَةُ الْقَائِلَةُ: إنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ شَائِعَةٌ فِي أَلْسِنَةِ الْفُقَهَاءِ وَكُتُبِ أَصْحَابِنَا لَكِنَّهَا مُخَالِفَةٌ فِي الظَّاهِرِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ أَئِمَّتِنَا مِنْ أَنَّ حُكْمَ الْمُطْلَقِ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى إطْلَاقِهِ، كَمَا أَنَّ الْمُقَيَّدَ يَجْرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>