للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِاحْتِمَالِ الْمَوْتِ بِالثَّانِي، وَهُوَ لَيْسَ بِذَكَاةٍ لِلْقُدْرَةِ عَلَى ذَكَاةِ الِاخْتِيَارِ، بِخِلَافِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَنْجُو مِنْهُ الصَّيْدُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَوْتُ مُضَافًا إلَى الرَّمْيِ الثَّانِي

وَأَمَّا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ بِحَالٍ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ الصَّيْدُ بِأَنْ لَا يَبْقَى فِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَبْقَى فِي الْمَذْبُوحِ، كَمَا إذَا أَبَانَ رَأْسَهُ يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يُضَافُ إلَى الرَّمْيِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ وَعَدَمَهُ بِمَنْزِلَةٍ، وَإِنْ كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ لَا يَعِيشُ مِنْهُ الصَّيْدُ إلَّا أَنَّهُ بَقِيَ فِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ أَكْثَرُ مِمَّا يَكُونُ بَعْدَ الذَّبْحِ بِأَنْ كَانَ يَعِيشُ يَوْمًا أَوْ دُونَهُ؛ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَحْرُمُ بِالرَّمْيِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الْحَيَاةِ لَا عِبْرَةَ بِهَا عِنْدَهُ

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الْحَيَاةِ مُعْتَبَرٌ عِنْدَهُ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ مَذْهَبِهِ

فَصَارَ الْجَوَابُ فِيهِ وَالْجَوَابُ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ بِحَالٍ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ الصَّيْدُ سَوَاءً فَلَا يَحِلُّ

قَالَ (وَالثَّانِي ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ لِلْأَوَّلِ غَيْرَ مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ)؛ لِأَنَّهُ بِالرَّمْيِ أَتْلَفَ صَيْدًا مَمْلُوكًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالرَّمْيِ الْمُثْخِنِ وَهُوَ مَنْقُوصٌ بِجِرَاحَتِهِ، وَقِيمَةُ الْمُتْلَفِ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ

قَالَ : تَأْوِيلُهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِالثَّانِي بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَجُوزُ أَنْ يَسْلَمَ الصَّيْدُ مِنْهُ وَالثَّانِي بِحَالٍ لَا يَسْلَمُ الصَّيْدُ مِنْهُ لِيَكُونَ الْقَتْلُ كُلُّهُ مُضَافًا إلَى الثَّانِيَ وَقَدْ قَتَلَ حَيَوَانًا مَمْلُوكًا لِلْأَوَّلِ مَنْقُوصًا بِالْجِرَاحَةِ فَلَا يَضْمَنُهُ كَامِلًا، كَمَا إذَا قَتَلَ عَبْدًا مَرِيضًا

عَلَى تَقْيِيدِهِ فَتَأَمَّلْ فِي التَّوْفِيقِ

(قَوْلُهُ قَالَ : تَأْوِيلُهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِالثَّانِي بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَجُوزُ أَنْ يَسْلَمَ الصَّيْدُ مِنْهُ إلَخْ) أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ هَا هُنَا بِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ أَوَّلَهَا مَرَّةً فِيمَا قَبْلُ بِقَوْلِهِ: وَهَذَا إذَا كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَنْجُو مِنْهُ الصَّيْدُ يُرَى مُسْتَدْرِكًا؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَ التَّأْوِيلَيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِمَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَثْخَنَهُ فَرَمَاهُ الثَّانِي فَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ، وَالثَّانِي ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ لِلْأَوَّلِ غَيْرَ مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ انْتَهَى

فَلَمَّا أَوَّلَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ بِمَا إذَا كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَنْجُو مِنْهُ الصَّيْدُ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا قَوْلُهُ: وَالثَّانِي ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ لِلْأَوَّلِ غَيْرَ مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَنْجُو مِنْهُ الصَّيْدُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَالثَّانِي ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ لِلْأَوَّلِ فَرْعُ قَوْلِهِ لَمْ يُؤْكَلْ، فَمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْأَصْلِ شَرْطٌ فِي الْفَرْعِ أَيْضًا

وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ الرَّمْيَ الْأَوَّلَ كَانَ بِحَالٍ يَنْجُو مِنْهُ الصَّيْدُ عُلِمَ أَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِالرَّمْيِ الثَّانِي فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي

ثُمَّ أَقُولُ فِي الْجَوَابِ: إنَّ كَوْنَ الرَّمْيِ الْأَوَّلِ بِحَالٍ يَنْجُو مِنْهُ الصَّيْدُ إنَّمَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَحْصُلَ الْقَتْلُ بِالرَّمْيِ الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَلَا يَقْتَضِي أَنْ يَحْصُلَ الْقَتْلُ بِالرَّمْيِ الثَّانِي وَحْدَهُ لِجَوَازِ أَنْ يَحْصُلَ مِنْ اجْتِمَاعِ الرَّمْيَيْنِ؛ إذْ قَدْ يَكُونُ فِي حَالَةِ الِاجْتِمَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>