للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قِيمَتُهُ مِثْلَ وَزْنِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْفِكَاكِ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إلَى أَنْ يَذْهَبَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَاضِيًا دَيْنَهُ بِالْجَوْدَةِ عَلَى الِانْفِرَاد، وَلَا إلَى أَنْ يَفْتَكَّهُ مَعَ النُّقْصَانِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ فَخَيَّرْنَاهُ، إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِمَا فِيهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ خِلَافِ جِنْسِهِ، وَتَكُونُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَالْمَكْسُورُ لِلْمُرْتَهِنِ بِالضَّمَانِ

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ نَاقِصًا، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ بِالدَّيْنِ اعْتِبَارًا لِحَالَةِ الِانْكِسَارِ بِحَالَةِ الْهَلَاكِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْفِكَاكُ مَجَّانًا صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْهَلَاكِ، وَفِي الْهَلَاكِ الْحَقِيقِيِّ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ بِالْإِجْمَاعِ فَكَذَا فِيمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ

قُلْنَا: الِاسْتِيفَاءُ عِنْدَ الْهَلَاكِ بِالْمَالِيَّةِ، وَطَرِيقُهُ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ ثُمَّ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ، وَفِي جَعْلِهِ بِالدَّيْنِ إغْلَاقُ الرَّهْنِ وَهُوَ حُكْمٌ جَاهِلِيٌّ فَكَانَ التَّضْمِينُ بِالْقِيمَةِ أَوْلَى

وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ ثَمَانِيَةً يَضْمَنُ قِيمَتَهُ جَيِّدًا مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ أَوْ رَدِيئًا مِنْ جِنْسِهِ وَتَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ، وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ

صَاحِبُ الْعِنَايَةِ

أَقُولُ: لَمْ أَدْرِ كَيْفَ ذَهَبُوا إلَى هَذَا الشَّرْحِ مَعَ ظُهُورِ بُطْلَانِهِ؛ إذْ قَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ بِنَاءَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لَا يَصِحُّ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا فِيهَا مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَبِي يُوسُفَ

وَذَكَرَ الشُّرَّاحُ أَنَّ بِنَاءَ هَذِهِ عَلَى تِلْكَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ عَلَى مَا رَوَى عِيسَى بْنُ أَبَانَ أَنَّ مُحَمَّدًا مَعَ أَبِي يُوسُفَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ

وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفَرْقَ لِمُحَمَّدٍ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ دُونَ رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ أَبَانَ فِيهَا، فَإِنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَاحِدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى رِوَايَتِهِ، فَالْفَرْقُ لِمُحَمَّدٍ يُنَافِي الْبِنَاءَ قَطْعًا

وَالصَّوَابُ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَحَلِّ أَنْ يُقَالَ: أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا تَكُونَ هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>