أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ
وَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ حَالَةَ الِانْكِسَارِ بِحَالَةِ الْهَلَاكِ، وَالْهَلَاكُ عِنْدَهُ بِالْقِيمَةِ
وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ اثْنَيْ عَشَرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ وَتَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْوَزْنِ عِنْدَهُ لَا لِلْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ
فَإِنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ كُلِّهِ مَضْمُونًا يُجْعَلُ كُلُّهُ مَضْمُونًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ فَبَعْضُهُ، وَهَذَا لِأَنَّ الْجَوْدَةَ تَابِعَةٌ لِلذَّاتِ، وَمَتَى صَارَ الْأَصْلُ مَضْمُونًا اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ التَّابِعُ أَمَانَةً
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ قِيمَتِهِ، وَيَكُونُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْإِبْرِيقِ لَهُ بِالضَّمَانِ وَسُدُسُهُ يُفْرَزُ حَتَّى لَا يَبْقَى الرَّهْنُ شَائِعًا، وَيَكُونُ مَعَ قِيمَتِهِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْمَكْسُورِ رَهْنًا؛ فَعِنْدَهُ تُعْتَبَرُ الْجَوْدَةُ وَالرَّدَاءَةُ، وَتُجْعَلُ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ كَزِيَادَةِ الْوَزْنِ كَأَنَّ وَزْنَهُ اثْنَا عَشَرَ، وَهَذَا لِأَنَّ الْجَوْدَةَ مُتَقَوِّمَةٌ فِي ذَاتِهَا حَتَّى تُعْتَبَرَ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ، بِخِلَافِ جِنْسِهَا، وَفِي تَصَرُّفِ الْمَرِيضِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهَا سَمْعًا فَأَمْكَنَ اعْتِبَارُهَا، وَفِي بَيَانِ
الْمَسْأَلَةُ بِنَاءً عَلَى تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ فِيهَا، بَلْ كَانَتْ مَسْأَلَةً مُبْتَدَأَةً كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ وَنَقَلَ عَنْهُ عَامَّةُ الشُّرَّاحِ هَا هُنَا
وَيُفْصِحُ عَمَّا ذَكَرْنَا تَحْرِيرُ صَاحِبِ الْكَافِي فِي هَذَا الْمَقَامِ حَيْثُ قَالَ: وَقِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرْعُ مَا إذَا اسْتَوْفَى الزُّيُوفَ مَكَانَ الْجِيَادِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ وَهَلَكَتْ الزُّيُوفُ عِنْدَهُ ثُمَّ عَلِمَ بِالزِّيَافَةِ فَإِنَّهُ سَقَطَ دَيْنُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَضْمَنُ مِثْلَ مَا قَبَضَ وَيَأْخُذُ مِثْلَ حَقِّهِ
وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَوَّلًا كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَآخِرًا كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ
كَذَا ذَكَرَهُ عِيسَى بْنُ أَبَانَ
وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُبْتَدَأَةٌ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَشْهُورِ