للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ (فَإِنْ رَهَنَ عَيْنًا وَاحِدَةً عِنْدَ رَجُلَيْنِ بِدَيْنٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جَازَ، وَجَمِيعُهَا رَهْنٌ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا)؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ أُضِيفَ إلَى جَمِيعِ الْعَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا شُيُوعَ فِيهِ، وَمُوجِبُهُ صَيْرُورَتُهُ مُحْتَبِسًا بِالدَّيْنِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَقْبَلُ الْوَصْفَ بِالتَّجَزِّيِ فَصَارَ مَحْبُوسًا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهَذَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ مِنْ رَجُلَيْنِ حَيْثُ لَا تَجُوزُ

يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ كَالْهِبَةِ انْتَهَى

ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ: فَإِنْ قِيلَ: هَذَا فِي حَالَةِ الْإِجْمَالِ مَوْجُودٌ

قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَكِنَّ حِصَّةَ كُلِّ عَبْدٍ مِنْ الدَّيْنِ فِيهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ بِيَقِينٍ، وَرُبَّمَا كَانَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ أَكْثَرَ قِيمَةً مِثْلَ أَنْ يُسَاوِيَ أَحَدُهُمَا أَلْفًا، وَالْآخَرُ أَلْفَيْنِ وَرَهَنَهُمَا بِثَلَاثَةِ آلَافٍ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ، وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَذَا مِنْ ذَاكَ وَأَرَادَ الرَّاهِنُ فِكَاكَ الَّذِي قِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَأَدَّى أَلْفًا، وَهُوَ يَقُولُ هَذَا الَّذِي رَهَنَهُ بِأَلْفٍ وَالْمُرْتَهِنُ يَقُولُ بَلْ هُوَ رُهِنَ بِأَلْفَيْنِ فَكَانَ ذَلِكَ جَهَالَةً تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ، فَأَمَّا عِنْدَ التَّفْصِيلِ فَحِصَّةُ كُلِّ عَبْدٍ مَعْلُومَةٌ بِالتَّسْمِيَةِ لَا جَهَالَةَ هُنَاكَ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ فَلِهَذَا يُمْكِنُ فِكَاكُ الْبَعْضِ بِقَضَاءِ بَعْضِ الدَّيْنِ انْتَهَى

أَقُولُ: فِي الْجَوَابِ بَحْثٌ

أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ لِمَ لَا يَجْعَلُ قِيمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ فَيْصَلًا فِي قَطْعِ الْمُنَازَعَةِ فِي حَالَةِ الْإِجْمَالِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا كَانَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي صَدْرِ مَسْأَلَةِ الْإِجْمَالِ: وَحِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَخُصُّهُ إذَا قُسِّمَ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَتِهِمَا فَائِدَةٌ

وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَبْدَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْقِيمَةِ لَا يُوجَدُ هُنَاكَ جَهَالَةٌ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ مَعَ أَنَّ جَوَابَ مَسْأَلَةِ الْإِجْمَالِ تَعُمُّ هَذِهِ الصُّورَةَ أَيْضًا

فَالْأَوْلَى: فِي دَفْعِ النَّقْضِ بِحَالَةِ الْإِجْمَالِ أَنْ يُقَالَ: لِأَنَّ تَفَرُّقَ الصَّفْقَةِ أَيُّمَا يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي كَلَامِ الْعَاقِدِ مَا يَتَحَمَّلُهُ كَمَا فِي حَالَةِ التَّفْصِيلِ فَإِنَّ تَفَرُّقَ التَّسْمِيَةِ فِيهَا تَتَحَمَّلُ تَفَرُّقَ الصَّفْقَةِ، بِخِلَافِ حَالَةِ الْإِجْمَالِ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ شَيْءٌ يَتَحَمَّلُهُ، فَإِذَا تَعَيَّنَ الْحَمْلُ فِيهَا عَلَى تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ التَّأَدِّي إلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا فِي بَابِ الرَّهْنِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ الْإِجْمَالِ أَيْضًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ رَهَنَ عَيْنًا وَاحِدَةً عِنْدَ رَجُلَيْنِ بِدَيْنٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جَازَ، وَجَمِيعُهَا رَهْنٌ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ أُضِيفَ إلَى جَمِيعِ الْعَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا شُيُوعَ فِيهِ) قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ أَخْذًا مِنْ النِّهَايَةِ: قِيلَ هُوَ مَنْقُوضٌ بِمَا إذَا بَاعَ مِنْ رَجُلَيْنِ أَوْ وَهَبَ مِنْ رَجُلَيْنِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، فَإِنَّ الْعَقْدَ فِيهِمَا أُضِيفَ إلَى جَمِيعِ الْعَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِيهِ الشُّيُوعُ حَتَّى كَانَ الْمَبِيعُ وَالْمَوْهُوبُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَمَا لَوْ نَصَّ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ

وَالْجَوَابُ أَنَّ إضَافَةَ الْعَقْدِ إلَى اثْنَيْنِ تُوجِبُ الشُّيُوعَ فِيمَا يَكُونُ الْعَقْدُ مُفِيدًا لِلْمِلْكِ كَالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ، فَإِنَّ الْعَيْنَ الْوَاحِدَةَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مَمْلُوكَةً لِشَخْصَيْنِ عَلَى الْكَمَالِ فَتُجْعَلُ شَائِعَةً فَتُقْسَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>