الْجُرْحِ قَبْلَ الْمَوْتِ. وَالْفِعْلُ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَالْقَوَدُ سَقَطَ لِلشُّبْهَةِ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ.
(وَلَوْ رَمَى إلَيْهِ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ وَقَعَ بِهِ السَّهْمُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَكَذَا إذَا رَمَى حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ) لِأَنَّ الرَّمْيَ مَا انْعَقَدَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ لِعَدَمِ تَقَوُّمِ الْمَحِلِّ فَلَا يَنْقَلِبُ مُوجِبًا لِصَيْرُورَتِهِ مُتَقَوِّمًا بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ: (وَإِنْ رَمَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ وَقَعَ السَّهْمُ بِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلْمَوْلَى) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ فَضْلُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَرْمِيًّا إلَى غَيْرِ مَرْمِيٍّ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ مَعَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. لَهُ أَنَّ الْعِتْقَ قَاطِعٌ لِلسِّرَايَةِ، وَإِذَا انْقَطَعَتْ بَقِيَ مُجَرَّدُ الرَّمْيِ وَهُوَ جِنَايَةٌ يَنْتَقِصُ بِهَا قِيمَةُ الْمَرْمِيِّ
بِالْإِبْرَاءِ فِي قَوْلِنَا إنَّهُ بِالِارْتِدَادِ صَارَ مُبْرِئًا حَقِيقَةَ الْإِبْرَاءِ، بَلْ نُرِيدُ بِذَلِكَ الْإِبْرَاءِ الْحُكْمِيِّ لِأَنَّهُ بِارْتِدَادِهِ لَمَّا أَسْقَطَ تَقَوُّمَ نَفْسَهُ شَرْعًا أَسْقَطَ حَقَّهُ مَعْنًى، لِأَنَّ مَا لَا تَقَوُّمَ لَهُ لَا ضَمَانَ لَهُ فِي الشَّرْعِ فَصَارَ فِعْلُهُ فِي حُكْمِ الْإِبْرَاءِ شَرْعًا سَوَاءٌ طَابَقَ اعْتِقَادَهُ أَوْ لَمْ يُطَابِقْ، وَلَعَلَّ تَفْرِيعَ الْمُصَنِّفِ قَوْلَهُ فَيَكُونُ مُبْرِئًا لِلرَّامِي عَنْ مُوجِبِهِ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ بِالِارْتِدَادِ أَسْقَطَ تَقَوُّمَ نَفْسِهِ يُومِي إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ
. (قَوْلُهُ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ مَعَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ) قُلْت: لَعَلَّ وَجْهَ عُدُولِ الْمُصَنِّفِ هَاهُنَا عَنْ التَّحْرِيرِ الْمَأْلُوفِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ فِيمَا قَبْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي نَظَائِرِهِ، بَلْ قَالَ بَعْدَ بَيَانِ الْخِلَافِ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ هُوَ أَنَّ كَوْنَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَ مِمَّا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ، لِأَنَّ الْفَقِيهَ أَبَا اللَّيْثِ ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ فِي شَرْحِهِ قَوْلَهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا بَيَّنَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَفُهِمَ مِنْهُ اتِّفَاقُ الرِّوَايَاتِ عَلَيْهِ بِنَاءً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute