للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزُفَرُ وَإِنْ كَانَ يُخَالِفُنَا فِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ الْإِصَابَةِ فَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا حَقَقْنَاهُ. .

قَالَ: (وَمَنْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالرَّجْمِ فَرَمَاهُ رَجُلٌ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ الشُّهُودِ ثُمَّ وَقَعَ بِهِ الْحَجَرُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّامِي) لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةُ الرَّمْيِ وَهُوَ مُبَاحُ الدَّمِ فِيهَا.

(وَإِذَا رَمَى الْمَجُوسِيُّ صَيْدًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ وَقَعَتْ الرَّمْيَةُ بِالصَّيْدِ لَمْ يُؤْكَلْ، وَإِنْ رَمَاهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ ثُمَّ تَمَجَّسَ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ أُكِلَ) لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالُ الرَّمْيِ فِي حَقِّ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ إذْ الرَّمْيُ هُوَ الذَّكَاةُ فَتُعْتَبَرُ الْأَهْلِيَّةُ وَانْسِلَابُهَا عِنْدَهُ. .

(وَلَوْ رَمَى الْمُحْرِمُ صَيْدًا ثُمَّ حَلَّ فَوَقَعَتْ الرَّمْيَةُ بِالصَّيْدِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَإِنْ رَمَى حَلَالٌ صَيْدًا ثُمَّ أَحْرَمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَجِبُ بِالتَّعَدِّي وَهُوَ رَمْيُهُ فِي حَالَةِ الْإِحْرَامِ، وَفِي الْأَوَّلِ هُوَ مُحْرِمٌ وَقْتَ الرَّمْيِ وَفِي الثَّانِي حَلَالٌ فَلِهَذَا افْتَرَقَا. .

كِتَابُ الدِّيَاتِ

قَالَ (وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَكَفَّارَةٌ عَلَى الْقَاتِلِ) وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي أَوَّلِ الْجِنَايَاتِ.

يُنَافِي مَا قَالَهُ فِي صَدْرِ دَلِيلِهِمَا مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ قَاتِلًا مِنْ وَقْتِ الرَّمْيِ، فَإِنَّ الْقَتْلَ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ إتْلَافِ شَيْءٍ مِنْ الْمَقْتُولِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى مَا قَالَهُ فِي صَدْرِ دَلِيلِهِمَا هُوَ أَنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْقَاتِلِ مِنْ وَقْتِ الرَّمْيِ مِنْ جِهَةِ اسْتِنَادِ الْحُكْمِ إلَى وَقْتِ الرَّمْي عِنْدَ الِاتِّصَالِ بِالْمَحَلِّ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْغَايَةِ بِقَوْلِهِ هُنَا: وَإِنَّمَا انْقَلَبَ الرَّمْيُ عِلَّةً لِلْإِتْلَافِ عِنْدَ الِاتِّصَالِ بِالْمَحِلِّ بِطَرِيقِ اسْتِنَادِ الْحُكْمِ إلَى وَقْتِ الرَّمْيِ فَكَأَنَّهُ وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ انْتَهَى

(كِتَابُ الدِّيَاتِ)

قَالَ الشُّرَّاحُ: ذِكْرُ الدِّيَاتِ بَعْدَ الْجِنَايَاتِ ظَاهِرُ الْمُنَاسَبَةِ، لِمَا أَنَّ الدِّيَةَ إحْدَى مُوجَبَيْ الْجِنَايَةِ فِي الْآدَمِيِّ الْمَشْرُوعَيْنِ صِيَانَةً، لَكِنَّ الْقِصَاصَ أَشَدُّ صِيَانَةً فَقُدِّمَ انْتَهَى.

أَقُولُ: يُرَدُّ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَقْتَضِي أَنْ يَذْكُرَ الدِّيَاتِ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ كَالْقِصَاصِ بِأَنْ يُوضَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَابٌ مُسْتَقِلٌّ مِنْ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُوجِبَ الْجِنَايَاتِ، لَا أَنْ يَجْعَلَ الدِّيَاتِ كِتَابًا عَلَى حِدَةٍ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي الْكِتَابِ: وَالْجَوَابُ أَنَّ مَقْصُودَهُمْ هُنَا بَيَانُ وَجْهِ مُنَاسَبَةِ ذِكْرِ الدِّيَاتِ بَعْدَ ذِكْرِ الْجِنَايَاتِ، وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>