وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ النَّخَعِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ (وَفِي الْمُوضِحَةِ إنْ كَانَتْ خَطَأً نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَفِي الْهَاشِمَةِ عُشْرُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ عُشْرُ الدِّيَةِ وَنِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَفِي الْآمَّةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، فَإِنْ نَفَذَتْ فَهُمَا جَائِفَتَانِ فَفِيهِمَا ثُلُثَا الدِّيَةِ) لِمَا رُوِيَ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ قَالَ «وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي الْهَاشِمَةِ عَشْرٌ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَفِي الْآمَّةِ» وَيُرْوَى «الْمَأْمُومَةُ ثُلُثُ الدِّيَةِ» وَقَالَ ﵊ «فِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ» وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ ﵁ أَنَّهُ حَكَمَ فِي جَائِفَةٍ نَفَذَتْ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ، وَلِأَنَّهَا إذَا نَفَذَتْ نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ جَائِفَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مِنْ جَانِبِ الْبَطْنِ وَالْأُخْرَى مِنْ جَانِبِ الظَّهْرِ وَفِي كُلِّ جَائِفَةٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ فَلِهَذَا وَجَبَ فِي النَّافِذَةِ ثُلُثَا الدِّيَةِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ جَعَلَ الْمُتَلَاحِمَةَ قَبْلَ الْبَاضِعَةِ وَقَالَ: هِيَ الَّتِي يَتَلَاحَمُ فِيهَا الدَّمُ وَيَسْوَدُّ. وَمَا ذَكَرْنَاهُ بَدْءًا مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهَذَا اخْتِلَافُ عِبَارَةٍ لَا يَعُودُ إلَى مَعْنًى وَحُكْمٍ. .
وَبَعْدَ هَذَا شَجَّةٌ أُخْرَى تُسَمَّى الدَّامِغَةُ وَهِيَ الَّتِي تَصِلُ إلَى الدِّمَاغِ،
الْمُتَأَخِّرِينَ فِيهِ، لِأَنَّ قَطْعَ الْجِلْدِ مُتَحَقِّقٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَيْضًا سِيَّمَا فِي الدَّامِعَةِ وَالدَّامِيَةِ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ شَيْئًا مِنْ إظْهَارِ الدَّمِ وَإِسَالَتِهِ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ قَطْعِ الْجِلْدِ، وَقَدْ صَرَّحَ الشُّرَّاحُ بِتَحَقُّقِ قَطْعِ الْجِلْدِ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَنْوَاعِ الْعَشَرَةِ لِلشَّجَّةِ فَكَانَ التَّفْسِيرُ الْمَذْكُورُ شَامِلًا لِلْكُلِّ غَيْرَ مُخْتَصٍّ بِالْبَاضِعَةِ، فَالظَّاهِرُ فِي تَفْسِيرِ الْبَاضِعَةِ مَا ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ حَيْثُ قَالَ فِي الْمُحِيطِ: ثُمَّ الْبَاضِعَةُ وَهِيَ الَّتِي تَبْضَعُ اللَّحْمَ: أَيْ تَقْطَعُهُ.
وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَالْبَاضِعَةُ هِيَ الَّتِي تَبْضَعُ اللَّحْمَ: أَيْ تَقْطَعُهُ انْتَهَى.
وَيُعَضِّدُ ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي مُعْتَبَرَاتِ كُتُبِ اللُّغَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: وَفِي الشِّجَاجِ الْبَاضِعَةُ وَهِيَ الَّتِي جَرَحَتْ الْجِلْدَ وَشَقَّتْ اللَّحْمَ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَالْبَاضِعَةُ: الشَّجَّةُ الَّتِي تَقْطَعُ الْجِلْدَ وَتَشُقُّ اللَّحْمَ وَتُدْمِي إلَّا أَنَّهُ لَا يَسِيلُ الدَّمُ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالْبَاضِعَةُ: الشَّجَّةُ الَّتِي تَقْطَعُ الْجِلْدَ وَتَشُقُّ اللَّحْمَ شَقًّا خَفِيفًا وَتُدْمِي إلَّا أَنَّهَا تُسِيلُ انْتَهَى. لَا يُقَالُ: فَعَلَى هَذَا تَشْتَبِهُ الْبَاضِعَةُ بِالْمُتَلَاحِمَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَالْمُتَلَاحِمَةُ وَهِيَ الَّتِي تَأْخُذُ فِي اللَّحْمِ، وَهَذَا فِي الْمَآلِ عَيْنُ مَا نَقَلْتُهُ عَنْ الْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ فِي تَفْسِيرِ الْبَاضِعَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: مَنْ فَسَّرَ الْبَاضِعَةَ بِمَا نَقَلْنَاهُ مِنْ الْمَعْنَى الظَّاهِرِ لَا يَقُولُ بِتَفْسِيرِ الْمُتَلَاحِمَةِ بِمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ حَتَّى يَلْزَمَ الِاشْتِبَاهُ بَلْ يَزِيدُ عَلَيْهِ قَيْدًا.
وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ: ثُمَّ الْبَاضِعَةُ وَهِيَ الَّتِي تَبْضَعُ اللَّحْمَ: أَيْ تَقْطَعُهُ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَا تَنْزِعُ شَيْئًا مِنْ اللَّحْمِ. ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ وَهِيَ الَّتِي تَقْطَعُ اللَّحْمَ وَتَنْزِعُ شَيْئًا مِنْ اللَّحْمِ، إلَى هُنَا لَفْظُ الْمُحِيطِ. وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَالْبَاضِعَةُ هِيَ الَّتِي تَبْضَعُ اللَّحْمَ: أَيْ تَقْطَعُهُ، وَالْمُتَلَاحِمَةُ هِيَ الَّتِي تَذْهَبُ فِي اللَّحْمِ أَكْثَرَ مِمَّا تَذْهَبُ الْبَاضِعَةُ فِيهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُغْرِبِ: وَالْمُتَلَاحِمَةُ مِنْ الشِّجَاجِ هِيَ الَّتِي تَشُقُّ فِي اللَّحْمِ دُونَ الْعَظْمِ ثُمَّ تَتَلَاحَمُ بَعْدَ شَقِّهَا: أَيْ تَتَلَاءَمُ وَتَتَلَاصَقُ اهـ. وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَالْمُتَلَاحِمَةُ: الشَّجَّةُ الَّتِي أَخَذَتْ فِي اللَّحْمِ وَلَمْ تَبْلُغْ السِّمْحَاقَ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَشَجَّةٌ مُتَلَاحِمَةٌ أَخَذَتْ فِيهِ وَلَمْ تَبْلُغْ السِّمْحَاقَ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ) قَالَ فِي الْإِيضَاحِ: الْجَائِفَةُ مَا تَصِلُ إلَى الْجَوْفِ مِنْ الصَّدْرِ وَالْبَطْنِ وَالظَّهْرِ وَالْجَنْبَيْنِ وَالِاسْمُ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، وَمَا وَصَلَ مِنْ الرَّقَبَةِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي إذَا وَصَلَ إلَيْهِ الشَّرَابُ كَانَ مُفْطِرًا، وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِجَائِفَةٍ انْتَهَى. وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ بَعْدَ نَقْلِ ذَلِكَ: فَعَلَى هَذَا ذِكْرُ الْجَائِفَةِ هُنَا فِي مَسَائِلِ الشِّجَاجِ وَقَعَ اتِّفَاقًا، وَكَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute