مُقَيِّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ، وَكَذَا الْجَوَابُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فِي جَمِيعِ مَا فُعِلَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ (وَكَذَا إنْ حَفَرَهُ فِي مِلْكِهِ لَا يَضْمَنُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْأَمْرُ مِنْ السُّلْطَانِ إكْرَاهٌ؛ فَقَوْلُهُ أَوْ أَجْبَرَهُ كَالْعِطْفِ التَّفْسِيرِيِّ اهـ. أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا بِسَدِيدٍ، لِأَنَّ كَوْنَ مُجَرَّدِ الْأَمْرِ مِنْ السُّلْطَانِ إكْرَاهًا لَيْسَ بِقَوْلٍ مُخْتَارٍ سِيَّمَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ ﵀ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ حَيْثُ قَالَ: إنَّ مُجَرَّدَ أَمْرِ الْإِمَامِ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ. فَجَازَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَوْ أَجْبَرَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ بِذَلِكَ مَبْنِيًّا عَلَى ذَلِكَ، وَلَئِنْ سُلِّمَ أَنَّ كَوْنَهُ إكْرَاهًا قَوْلٌ مُخْتَارٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنْ الْإِذْنِ لِاسْتِلْزَامِ الْأَمْرِ الْإِذْنَ، وَعَطْفُ أَجْبَرَ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ فِي تَعْلِيلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَذَلِكَ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ وِلَايَةً عَامَّةً فَلَا يَضْمَنُ مَا فَعَلَهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَذَكَرَ رِوَايَةَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى بَيَانِ إذْنِ الْإِمَامِ انْتَهَى.
وَلَا شَكَّ أَنَّ مُجَرَّدَ إذْنِ السُّلْطَانِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ يَدْفَعُ الضَّمَانَ عَنْ الْفَاعِلِ، صَرَّحَ بِهِ فِي عَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ أَوْ أَجْبَرَهُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةً أُخْرَى لَا مَحَالَةَ. وَأَمَّا كَوْنُ قَوْلِهِ أَوْ أَجْبَرَهُ عَلَيْهِ عَطْفًا تَفْسِيرِيًّا فَمِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ، لِأَنَّ الْعَطْفَ التَّفْسِيرِيَّ لَمْ يُسْمَعْ فِي كَلِمَةِ أَوْ وَمَعْنَاهَا أَيْضًا لَا يُسَاعِدُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا شَاعَ ذَلِكَ فِي كَلِمَةِ الْوَاوِ لِمُسَاعَدَةِ مَعْنَاهَا إيَّاهُ، وَلَكِنْ بَقِيَ لَنَا شَيْءٌ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَوْ أَجْبَرَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ بِذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ عَدَمَ ضَمَانِ الْفَاعِلِ فِيمَا إذَا أَمَرَهُ السُّلْطَانُ بِمَا فَعَلَهُ يَعْلَمُ عَدَمَ ضَمَانِهِ قَطْعًا فِيمَا إذَا أَجْبَرَهُ عَلَيْهِ فَمَا فَائِدَةُ ذِكْرِ قَوْلِهِ أَوْ أَجْبَرَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ بِذَلِكَ، نَعَمْ لَوْ قَالَ: فَإِنْ أَجْبَرَهُ السُّلْطَانُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ أَمَرَهُ بِهِ لَكَانَ لَهُ حُسْنٌ لِكَوْنِ الثَّانِي مِنْ قَبِيلِ التَّرَقِّي تَأَمَّلْ تَفْهَمْ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْجَوَابُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فِي جَمِيعِ مَا فُعِلَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَغَيْرِهِ) قَالَ عَامَّةُ الشُّرَّاحُ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ إلَى هُنَا مِنْ إخْرَاجِ الْكَنِيفِ أَوْ الْمِيزَابِ أَوْ الْجُرْصُنِ إلَى الطَّرِيقِ وَبِنَاءِ الدُّكَّانِ فِيهِ وَإِشْرَاعِ الرَّوْشَنِ وَحَفْرِ الْبِئْرِ، وَزَادَ صَاحِبُ الْغَايَةِ: وَوَضْعِ الْحَجَرِ.
وَقَالُوا: أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَغَيْرِهِ غَيْرَ مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ كَبِنَاءِ الظُّلَّةِ وَغَرْسِ الشَّجَرِ وَرَمْيِ الثَّلْجِ وَالْجُلُوسِ لِلْبَيْعِ. أَقُولُ: مِمَّا ذَكَرَهُ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ إلَى هُنَا صَبُّ الْمَاءِ فِي الطَّرِيقِ وَكَذَا رَشُّ الْمَاءِ أَوْ التَّوَضُّؤُ فِيهِ وَكَذَا وَضْعُ الْخَشَبَةِ فِيهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ الشُّرَّاحِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مَعَ الْتِزَامِهِمْ الْبَيَانَ وَالتَّفْصِيلَ حَتَّى ذَكَرُوا جَمِيعَ مَا وَقَعَ فِي الْبَابِ قَبْلَ مَا تَرَكُوهُ وَمَا بَعْدَهُ، وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ الْجَوَابَ فِيمَا تَرَكُوهُ خِلَافُ الْجَوَابِ فِيمَا ذَكَرُوهُ كَانَ عَلَيْهِمْ الْبَيَانُ وَالنَّقْلُ. ثُمَّ إنَّهُمْ جَعَلُوا بِنَاءَ الظُّلَّةِ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَبُّ الدَّارِ الْفَعَلَةَ لِإِخْرَاجِ الْجَنَاحِ أَوْ الظُّلَّةِ فَوَقَعَ وَقَتَلَ إنْسَانًا إلَخْ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُعْتَذَرَ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا فَعَلَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ، وَقَدْ حَمَلَ الشُّرَّاحُ مَسْأَلَةَ اسْتِئْجَارِ الْفَعَلَةِ لِإِخْرَاجِ الْجَنَاحِ أَوْ الظُّلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ فِيمَا مَرَّ عَلَى مَا فُعِلَ فِي فِنَاءِ الدَّارِ لَا فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَلَمْ يَجْعَلُوهَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ هُنَا، وَأَرَادُوا بِبِنَاءِ الظُّلَّةِ الَّذِي عَدُوّهُ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ بِنَاءَهَا فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ، أَوْ أَنَّهُمْ حَمَلُوا الْمُرَادَ بِمَا فُعِلَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فِي قَوْلِهِ فِي جَمِيعِ مَا فُعِلَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا فَعَلَهُ الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ دُونَ مَا اسْتَأْجَرَ الْغَيْرَ لِفِعْلِهِ فَلَمْ يَعُدُّوا مَا اسْتَأْجَرَ رَبُّ الدَّارِ الْفَعَلَةَ لِإِخْرَاجِ الظُّلَّةِ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ هُنَا، وَأَرَادُوا بِبِنَاءِ الظُّلَّةِ الَّذِي عَدُّوهُ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ بِنَاءَهُ بِنَفْسِهِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْجَوَابَ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ضَمِنَ مُتَمَشٍّ فِيمَا فُعِلَ فِي فِنَاءِ الدَّارِ أَيْضًا، وَفِيمَا فُعِلَ بِاسْتِئْجَارِ الْغَيْرِ لِفِعْلِهِ أَيْضًا فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّخْصِيصِ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ تَفَكَّرْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute