للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السِّرَايَةُ مُضَافَةً إلَى الْبِدَايَةِ فَصَارَ الْمَوْلَى مُتْلِفًا فَيَصِيرُ مُسْتَرِدًّا، كَيْفَ وَأَنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَهُوَ اسْتِرْدَادٌ فَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ عَنْ الضَّمَانِ.

قَالَ (وَإِذَا غَصَبَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ) لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ.

قَالَ (وَمَنْ غَصَبَ مُدَبَّرًا فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً أُخْرَى فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ) لِأَنَّ الْمَوْلَى بِالتَّدْبِيرِ السَّابِقِ أَعْجَزَ نَفْسَهُ عَنْ الدَّفْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِيرَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ فَيَصِيرُ مُبْطِلًا حَقَّ أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ إذْ حَقُّهُمْ فِيهِ وَلَمْ يَمْنَعْ إلَّا رَقَبَةً وَاحِدَةً فَلَا يُزَادُ عَلَى قِيمَتِهَا، وَيَكُونُ بَيْنَ وَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمُوجَبِ. قَالَ (وَيَرْجِعُ الْمَوْلَى بِنِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ) لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْبَدَلِ بِسَبَبٍ كَانَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَصَارَ كَمَا إذَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْعَبْدِ بِهَذَا السَّبَبِ.

عَلَيْهِ بَعْدَ الْغَصْبِ لِأَنَّ الْغَصْبَ يَرْتَفِعُ بِهَا، إلَى هُنَا كَلَامُ قَاضِي خَانْ. وَقَدْ نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّرَّاحِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ بِشَيْءٍ.

وَأَمَّا صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فَبَعْدَ أَنْ نَقَلَ مَا قَالَهُ قَاضِي خَانْ أَوْرَدَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ نَظَرًا حَيْثُ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ يَدَ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ ثَابِتَةٌ حُكْمًا، فَإِنَّ يَدَ الْمَوْلَى ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ حُكْمًا وَلَا يَثْبُتُ عَلَى الشَّيْءِ الْوَاحِدِ يَدَانِ حُكْمِيَّتَانِ بِكَمَالِهِمَا وَالْيَدُ الْحَقِيقِيَّةُ وَاجِبَةُ الرَّفْعِ لِكَوْنِهَا عُدْوَانًا لَا تَصْلُحُ مُعَارِضًا وَلَا مُرَجِّحًا انْتَهَى. أَقُولُ: نَظَرُهُ سَاقِطٌ، إذْ لَا وَجْهَ لِمَنْعِ ثُبُوتِ يَدِ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ حُكْمًا، فَإِنَّ مَعْنَى ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ حُكْمًا أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى تِلْكَ الْيَدِ حُكْمٌ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَقَدْ تَرَتَّبَ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>