كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَهُ الْمُوَكِّلُ.
قَالَ (وَإِذَا مَاتَ الْوَكِيلُ أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ) لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَمْرُهُ بَعْدَ جُنُونِهِ وَمَوْتِهِ
(وَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا) لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّصَرُّفُ إلَّا أَنْ يَعُودَ مُسْلِمًا قَالَ: وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ، فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا تَعُودُ الْوَكَالَةُ. لِمُحَمَّدٍ أَنَّ الْوَكَالَةَ إطْلَاقٌ لِأَنَّهُ
دُونَ الْعَزْلِ الْحُكْمِيِّ (كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَهُ الْمُوَكِّلُ) أَيْ إذَا بَاعَ مَا وَكَّلَ بِبَيْعِهِ الْمُوَكِّلُ حَيْثُ يَصِيرُ الْوَكِيلُ مَعْزُولًا حُكْمًا لِفَوَاتِ مَحَلِّ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ
(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَإِذَا مَاتَ الْوَكِيلُ أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ) لَمَّا فَرَّغَ مِنْ الْعَوَارِضِ الْمُبْطِلَةِ لِلْوَكَالَةِ مِنْ جَانِبِ الْمُوَكِّلِ شَرَعَ فِي الْعَوَارِضِ الْمُبْطِلَةِ لَهَا مِنْ جَانِبِ الْوَكِيلِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيلِ مَا ذُكِرَ (لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَمْرُهُ) أَيْ أَمْرُ الْوَكِيلِ (بَعْدَ جُنُونِهِ وَمَوْتِهِ) وَالْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ لَا يَصِحُّ أَمْرُهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى الْمَفْعُولِ، وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ الَّذِي كَانَ مَأْمُورًا بِهِ لَمْ يَبْقَ صَحِيحًا، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ لِدَوَامِهِ حُكْمَ الِابْتِدَاءِ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.
أَقُولُ: هَاهُنَا شَائِبَةُ الِاسْتِدْرَاكِ، إذْ لَا يَخْفَى عَلَى أُولِي النُّهَى أَنَّ ذِكْرَ كَوْنِ مَوْتِ الْوَكِيلِ مُبْطِلًا لِلْوَكَالَةِ قَلِيلُ الْجَدْوَى لِأَنَّهُ بَيِّنٌ غَنِيٌّ عَنْ الْبَيَانِ. لَا يُقَالُ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ دَفْعُ احْتِمَالِ جَرَيَانِ الْإِرْثِ مِنْ الْوَكِيلِ فِي حَقِّ الْوَكَالَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: احْتِمَالُ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ فِي نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى ظُهُورِ أَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِرَأْيِ الْوَكِيلِ لَا بِرَأْيِ غَيْرِهِ لَا يَنْدَفِعُ بِالتَّعْلِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْوَكَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ صَحِيحًا بِالنَّظَرِ إلَى الْوَكِيلِ الْمَيِّتِ إلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَبْقَى صَحِيحًا بِالنَّظَرِ إلَى وَارِثِهِ الْحَيِّ فَلَا يَتِمُّ التَّقْرِيبُ
(وَإِنْ لَحِقَ) أَيْ الْوَكِيلُ (بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّصَرُّفُ إلَّا أَنْ يَعُودَ) مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ (مُسْلِمًا) هَذَا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ فَإِنَّهُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَبْسُوطِ: وَإِنْ لَحِقَ الْوَكِيلُ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْوَكَالَةِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا مَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ وَهَكَذَا أَشَارَ إلَيْهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي مَبْسُوطِهِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ ارْتَدَّ الْوَكِيلُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ انْتَقَضَتْ الْوَكَالَةُ لِانْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ بَيْنَ مَنْ هُوَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَبَيْنَ مَنْ هُوَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ فَقَدَّرَ مَوْتَهُ أَوْ جَعَلَهُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ فَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ انْتَهَى.
كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا (قَالَ) أَيْ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهَذَا) أَيْ جَوَازُ التَّصَرُّفِ لِلْوَكِيلِ عِنْدَ عَوْدِهِ مُسْلِمًا (عِنْدَ مُحَمَّدٍ، فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا تَعُودُ الْوَكَالَةُ) أَيْ وَإِنْ عَادَ مُسْلِمًا (لِمُحَمَّدٍ أَنَّ الْوَكَالَةَ إطْلَاقٌ) أَيْ إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْوَكَالَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute