للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهُوَ يُحْرِزُ الثَّوَابَ بِالتَّرْكِ عَلَى وَرَثَتِهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي النَّفْعِ وَالضَّرَرِ النَّظَرُ إلَى أَوْضَاعِ التَّصَرُّفَاتِ لَا إلَى مَا يَتَّفِقُ بِحُكْمِ الْحَالِ اعْتَبَرَهُ بِالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَلَا وَصِيَّهُ وَإِنْ كَانَ يَتَّفِقُ نَافِعًا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَكَذَا إذَا أَوْصَى ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ وَقْتَ الْمُبَاشَرَةِ، وَكَذَا إذَا قَالَ إذَا أَدْرَكْت فَثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَصِيَّةً لِقُصُورِ أَهْلِيَّتِهِ فَلَا يَمْلِكُهُ تَنْجِيزًا وَتَعْلِيقًا كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ،

بِسَدِيدٍ. أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَفْظُ الْيَافِعِ فِي الْأَثَرِ الْمَزْبُورِ مَجَازًا عَمَّنْ كَانَ بَالِغًا لَمْ يَمْضِ عَلَى بُلُوغِهِ زَمَانٌ كَثِيرٌ كَانَ مَعْنَى الْيَافِعِ حَقِيقَةً غَيْرَ مُرَادٍ فِي ذَلِكَ الْأَثَرِ بَلْ غَيْرَ وَاقِعٍ فِي أَصْلِ الْقِصَّةِ، فَلَوْ كَانَ الرَّاوِي نَقَلَهُ بِمَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ لَزِمَ أَنْ يَكْذِبَ فِي نَقْلِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ.

وَأَمَّا ثَانِيًا: فَلِأَنَّ قَوْلَهُ وَقَوْلُهُ " إنَّهُ أَوْصَى لِابْنَةِ عَمٍّ لَهُ بِمَالٍ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِتَجْهِيزِهِ وَأَمْرِ دَفْنِهِ " مَمْنُوعٌ جِدًّا، فَإِنَّ مَعْنَى أَوْصَى لَهُ بِمَالٍ مَلَّكَهُ إيَّاهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِتَجْهِيزِهِ وَأَمْرِ دَفْنِهِ لَا يَكَادُ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ كَمَا لَا يَخْفَى. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمَرْوِيُّ فِي الْأَثَرِ أَنَّهُ أَوْصَى إلَى ابْنَةِ عَمٍّ لَهُ بِكَلِمَةِ " إلَى " بَدَلَ كَلِمَةِ " اللَّامِ " لَمْ يَلْزَمْ التَّنَافِي، لِأَنَّ مَعْنَى أَوْصَى إلَيْهِ جَعَلَهُ وَصِيًّا فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ ابْنَةُ عَمِّهِ وَصِيَّتَهُ فِي تَجْهِيزِهِ وَأَمْرِ دَفْنِهِ، وَلَمَّا كَانَ الْمَرْوِيُّ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْصَى لِابْنَةِ عَمٍّ لَهُ بِمَالٍ لَمْ يَبْقَ لِلتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ مَجَالٌ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ يُحْرِزُ الثَّوَابَ بِالتَّرْكِ عَلَى وَرَثَتِهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: قَوْلُهُ يُحْرِزُ الثَّوَابَ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ نَظَرَ لَهُ بِصَرْفِهِ إلَى نَفْسِهِ فِي نَيْلِ الزُّلْفَى، وَقَوْلُهُ كَمَا بَيَّنَّاهُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ فَالتَّرْكُ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّدَقَةِ عَنْ الْقَرِيبِ إلَخْ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ إمَّا أَفْضَلِيَّةَ التَّرْكِ فِي الثَّوَابِ أَوْ تُسَاوِيهِمَا فِيهِ انْتَهَى. أَقُولُ: فِيهِ إشْكَالٌ، لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ قَوْلَهُ لِمَا بَيَّنَّاهُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ فَالتَّرْكُ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّدَقَةِ إلَى آخِرِهِ: أَيْ إلَى آخِرِ تَعْلِيلِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ مَا يَنْتَهِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَتِمَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَمَشَّى فِي صُورَةِ إنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ فُقَرَاءَ فَلَا يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلِأَنَّهُ نَظَرَ لَهُ بِصَرْفِهِ إلَى نَفْسِهِ فِي نَيْلِ الزُّلْفَى فِي صُورَةٍ إنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ، وَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَصِحَّ قَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ إمَّا أَفْضَلِيَّةَ التَّرْكِ فِي الثَّوَابِ أَوْ تُسَاوِيَهُمَا فِيهِ إذْ الْأَفْضَلِيَّةُ مُتَعَيِّنَةٌ حِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِلتَّرْدِيدِ، وَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ إلَخْ، قَوْلُهُ وَالْمُوصَى بِهِ يَمْلِكُ بِالْقَبُولِ لِتَنَاوُلِهِ صُورَةَ إنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ أَيْضًا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَجْرِيَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَكَلَامُ الشَّارِحِ أَيْضًا فِي صُورَةِ إنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْمَذْكُورِ

<<  <  ج: ص:  >  >>