للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبَابُهَا أَوْسَعُ لِحَاجَةِ الْمَيِّتِ وَعَجْزِهِ، وَلِهَذَا تَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمَوْجُودِ كَالثَّمَرَةِ فَلَأَنْ تَصِحَّ فِي الْمَوْجُودِ أَوْلَى.

قَالَ (وَمَنْ أَوْصَى بِجَارِيَةٍ إلَّا حَمْلَهَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ) لِأَنَّ اسْمَ الْجَارِيَةِ لَا يَتَنَاوَلُ الْحَمْلَ لَفْظًا وَلَكِنَّهُ يَسْتَحِقُّ

أَيْ الْحَمْلَ بِعَرْضِيَّةِ الْوُجُودِ، إذْ الْكَلَامُ فِيمَا إذَا عُلِمَ وُجُودُهُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ، فَإِنَّ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا وَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ أَوْ الْمَوْتِ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ وُجُودُهُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ لَا مَحَالَةَ انْتَهَى.

أَقُولُ: فِيهِ خَلَلٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ زِيَادَةَ قَوْلِهِ أَوْ الْمَوْتِ فِي قَوْلِهِ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ أَوْ الْمَوْتِ مَعَ كَوْنِهَا غَيْرَ مُطَابِقَةٍ لِلْمَشْرُوحِ تَقْتَضِي أَنْ لَا يَصِحَّ قَوْلُهُ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ وُجُودُهُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ لَا مَحَالَةَ، إذْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ وَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ مَوْتِ الْمُوصِي لَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ أَصْلًا فِيمَا إذَا مَضَتْ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ مُدَّةٌ يَصِيرُ بِهَا زَمَانُ وَضْعِ الْحَمْلِ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ، وَهَذَا مِمَّا لَا سُتْرَةَ بِهِ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ أَوْصَى بِجَارِيَةٍ إلَّا حَمْلَهَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ لِأَنَّ اسْمَ الْجَارِيَةِ لَا يَتَنَاوَلُ الْحَمْلَ لَفْظًا وَلَكِنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِالْإِطْلَاقِ تَبَعًا، فَإِذَا أَفْرَدَ الْأُمَّ بِالْوَصِيَّةِ صَحَّ إفْرَادُهَا) أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا التَّعْلِيلُ يُنْتَقَضُ بِصُورَةِ الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ إذَا بَاعَ جَارِيَةً إلَّا حَمْلَهَا فَسَدَ الْبَيْعُ مَعَ إمْكَانِ جَرَيَانِ هَذَا التَّعْلِيلِ هُنَاكَ أَيْضًا. لَا يُقَالُ: إنَّمَا فَسَدَ الْبَيْعُ لِأَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ مَا لَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِعَقْدٍ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَقْدِ وَالْحَمْلُ مِمَّا لَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ، بِخِلَافِ الْأَمْرِ فِي الْوَصِيَّةِ: فَإِنَّ إفْرَادَ الْحَمْلِ بِالْوَصِيَّةِ يَصِحُّ فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّعْلِيلِ الثَّانِي. لِأَنَّا نَقُولُ: ذَلِكَ الْفَرْقُ مُوجِبُ التَّعْلِيلِ الْآتِي وَكَلَامُنَا فِي هَذَا التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ فَلَا مَعْنَى لِلْخَلْطِ.

ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ قَالَ فِي شَرْحِ أَوَّلِ هَذَا التَّعْلِيلِ: لِأَنَّ اسْمَ الْجَارِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>