لِأَنَّ هُنَاكَ الْحَقُّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ وَاسْتَفَادَ مَالًا آخَرَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، وَفِي الْأَلْفِ الْمُرْسَلَةِ لَوْ هَلَكَتْ التَّرِكَةُ تَنْفُذُ فِيمَا يُسْتَفَادُ فَلَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّقًا بِعَيْنِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْوَرَثَةِ. قَالَ (وَإِذَا أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنِهِ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ. وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ جَازَ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَصِيَّةٌ بِمَالِ الْغَيْرِ، لِأَنَّ نَصِيبَ الِابْنِ مَا يُصِيبُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالثَّانِيَ وَصِيَّةٌ بِمِثْلِ نَصِيبِ الِابْنِ وَمِثْلُ الشَّيْءِ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ يَتَقَدَّرُ بِهِ فَيَجُوزُ، وَقَالَ زُفَرُ: يَجُوزُ فِي الْأَوَّلِ أَيْضًا فَيُنْظَرُ إلَى الْحَالِ وَالْكُلُّ مَالُهُ فِيهِ وَجَوَابُهُ مَا قُلْنَا.
قَالَ (وَمَنْ أَوْصَى بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ أَخَسُّ سِهَامِ الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ عَنْ السُّدُسِ فَيَتِمَّ لَهُ السُّدُسُ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ،
مَالَ سِوَى الْعَبْدِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ يَكْتَسِبَ هَذَا الْعَبْدُ مَالًا فَتَصِيرُ رَقَبَتُهُ مُسَاوِيَةً لِثُلُثِ الْمَالِ أَوْ يَظْهَرَ لَهُ مَالٌ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْعَبْدُ ثُلُثَ الْمَالِ اهـ. أَقُولُ: فِيهِ خَلَلٌ، لِأَنَّ الْمُوصَى بِهِ يَصِيرُ إذْ ذَاكَ هُوَ الْعَبْدُ وَثُلُثُ الْمَالِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ حِينَئِذٍ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوصَى لَهُ فِي جَمِيعِ مَا سَمَّاهُ لَهُ بِدُونِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ زَادَ مَالُ الْمَيِّتِ جِدًّا، لِأَنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ لَا مَحَالَةَ، وَلَا يَصِحُّ تَنْفِيذُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ بِدُونِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَتَكُونُ تِلْكَ الصُّورَةُ مُخَالِفَةً لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا حَيْثُ أَمْكَنَ فِي هَاتِيك الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِي جَمِيعِ مَا سَمَّاهُ لَهُمَا فِي الْجُمْلَةِ، بِخِلَافِ تِلْكَ الصُّورَةِ فَلَا تَصْلُحُ لَأَنْ تَكُونَ صُورَةَ نَقْضٍ لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ مِنْ قِبَلِ أَبِي حَنِيفَةَ هُنَا بَلْ إنَّمَا تَكُونُ نَظِيرَ الْخِلَافِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ قَبْلُ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ هُنَاكَ الْحَقَّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ وَاسْتَفَادَ مَالًا آخَرَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، وَفِي الْأَلْفِ الْمُرْسَلَةِ لَوْ هَلَكَتْ التَّرِكَةُ تَنْفُذُ فِيمَا يُسْتَفَادُ فَلَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّقًا بِعَيْنِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْوَرَثَةِ) هَذَا هُوَ الْجَوَابُ عَنْ النَّقِيضِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ آنِفًا. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: فِي التَّبْيِينِ بَعْدَمَا نَقَلَ مَا فِي الْهِدَايَةِ هُنَا: وَهَذَا يُنْتَقَضُ بِالْمُحَابَاةِ فَإِنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ مِثْلَهُ وَمَعَ هَذَا يُضْرَبُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ اهـ. أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا النَّقْضُ بِوَارِدٍ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالثَّمَنِ لَا بِالْعَيْنِ، وَقَدْ أَفْصَحَ عَنْهُ صَاحِبُ الْكَافِي حَيْثُ قَالَ: وَالْوَصِيَّةُ بِالسِّعَايَةِ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ الْمُرْسَلَةِ، وَكَذَا بِالْمُحَابَاةِ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ بِالثَّمَنِ فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ الْمُرْسَلِ اهـ
(قَوْلُهُ وَلَوْ أَوْصَى بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ أَخَسُّ سِهَامِ الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ عَنْ السُّدُسِ فَيَتِمَّ لَهُ السُّدُسُ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْمَحِلَّ مِنْ مَدَاحِضِ هَذَا الْكِتَابِ وَلِهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute