وَعَنْ مُحَمَّدٍ ﵀ أَنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ لَهُنَّ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلِّ فَرِيقٍ سَهْمَانِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ جَائِزَةٌ وَالْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ جِنْسَانِ، وَفَسَّرْنَاهُمَا فِي الزَّكَاةِ لِمُحَمَّدٍ ﵀ أَنَّ الْمَذْكُورَ لَفْظُ الْجَمْعِ وَأَدْنَاهُ فِي الْمِيرَاثِ اثْنَانِ نَجِد ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ فَكَانَ مِنْ كُلِّ فَرِيقِ اثْنَانِ وَأُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ ثَلَاثٌ فَلِهَذَا يُقْسَمُ عَلَى سَبْعَةٍ.
وَلَهُمَا أَنَّ الْجَمْعَ
بَلْ فَرْدٌ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَاةٌ مِنْ غَنَمِهِ فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي تَعْمِيمِ الْغَنَمِ دُونَ الشَّاةِ إلَى هُنَا كَلَامُهُ.
أَقُولُ: الظَّاهِرُ عِنْدِي مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي تَعْلِيلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ بِوُجُودِ شَاةٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّ الْمُوصَى بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ الشَّاةُ يَصِيرُ مَوْجُودًا حِينَئِذٍ فَتَصِيرُ الْوَصِيَّةُ بِشَيْءٍ مَوْجُودٍ لَا مَعْدُومٍ، وَلَا مَانِعَ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ هُنَا سِوَى كَوْنِ الْمُوصَى بِهِ مَعْدُومًا، فَإِذَا وُجِدَتْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ انْتَفَى الْمَانِعُ. نَعَمْ لَا يُوجَدُ حِينَئِذٍ مَا أُضِيفَتْ الشَّاةُ إلَيْهِ مِنْ الْغَنَمِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْغَنَمُ اسْمَ جَمْعٍ لَا اسْمَ جِنْسٍ لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْإِضَافَةِ إلَى الْغَنَمِ تَعْيِينُ أَنَّ مُرَادَهُ عَيْنُ الشَّاةِ لَا مَالِيَّتُهَا، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ الْمَقْصُودُ مِنْ مُجَرَّدِ الْإِضَافَةِ إلَيْهَا، وَلَا يَقْتَضِي وُجُودَهَا أَلْبَتَّةَ كَوُجُودِ الشَّاةِ الَّتِي هِيَ الْمُوصَى بِهِ، وَمِمَّا يُرْشِدُ إلَى كَوْنِ جَوَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا لَوْ تُوجَدُ شَاةٌ أَصْلًا أَنَّهُ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي: وَلَوْ قَالَ شَاةٌ مِنْ غَنَمِي أَوْ قَفِيزٌ مِنْ حِنْطَتِي وَلَيْسَ لَهُ غَنَمٌ وَلَا حِنْطَةٌ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهُ لَمَّا أَضَافَهُ إلَى الْغَنَمِ عَلِمْنَا أَنَّ مُرَادَهُ الْوَصِيَّةُ بِعَيْنِ الشَّاةِ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ جُزْءًا مِنْ الْغَنَمِ. وَأَنَّهُ يَصْلُحُ جُزْءًا لِلْغَنَمِ بِصُورَتِهِ وَمَعْنَاهُ فَصَارَتْ الْوَصِيَّةُ بِشَيْءٍ مَعْدُومٍ وَلَا وُجُودَ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَيْضًا فَلَا تَصِحُّ اهـ تَأَمَّلْ تَفْهَمْ
(قَوْلُهُ وَأَصْلُهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ جَائِزَةٌ) وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ لِأُمِّ الْوَلَدِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute