لَا بِغَيْرِهِ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِظَاهِرِ اللَّفْظِ بَعْدَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَرْكِهِ، فَعِنْدَهُ يُقَيَّدُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَعِنْدَهُمَا بِأَقْصَى الْأَبِ فِي الْإِسْلَامِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِالْأَبِ الْأَدْنَى.
قَالَ (وَإِذَا أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ وَلَهُ عَمَّانِ وَخَالَانِ فَالْوَصِيَّةُ لِعَمَّيْهِ) عِنْدَهُ اعْتِبَارٌ لِلْأَقْرَبِ كَمَا فِي الْإِرْثِ، وَعِنْدَهُمَا بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا إذْ هُمَا لَا يَعْتَبِرَانِ الْأَقْرَبَ (وَلَوْ تَرَكَ عَمًّا وَخَالَيْنِ فَلِلْعَمِّ نِصْفُ الْوَصِيَّةِ وَالنِّصْفُ لِلْخَالَيْنِ) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ مَعْنَى الْجَمِيعِ وَهُوَ الِاثْنَانِ فِي الْوَصِيَّةِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى لِذِي قَرَابَتِهِ حَيْثُ يَكُونُ لِلْعَمِّ كُلُّ الْوَصِيَّةِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ لِلْفَرْدِ فَيُحْرِزُ الْوَاحِدُ كُلَّهَا إذْ هُوَ الْأَقْرَبُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَاحِدٌ فَلَهُ الثُّلُثُ لِمَا بَيَّنَّاهُ، وَلَوْ تَرَكَ عَمًّا وَعَمَّةً وَخَالًا وَخَالَةً فَالْوَصِيَّةُ لِلْعَمِّ وَالْعَمَّةِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ لِاسْتِوَاءِ قَرَابَتِهِمَا وَهِيَ أَقْوَى، وَالْعَمَّةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَارِثَةً فَهِيَ مُسْتَحِقَّةٌ لِلْوَصِيَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ
بَحْثٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ، كَيْفَ وَقَدْ مَرَّ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُوصِيَ الْمُسْلِمُ لِلْكَافِرِ وَالْكَافِرُ لِلْمُسْلِمِ بِلَا خِلَافٍ وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا لِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ، وَكَذَا قَدْ مَرَّ فِيهِ أَنَّهُ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْقَاتِلِ عِنْدَ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ إيَّاهَا عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَلَا يَجُوزُ الْمِيرَاثُ لِلْقَاتِلِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَلَوْ أَجَازَتْهُ الْوَرَثَةُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَكَذَا مَرَّ فِيهِ آنِفًا فِي مَسْأَلَةِ الْإِيصَاءِ لِأُخْتِهِ أَنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ، وَلَا مِيرَاثَ لِلْعَبْدِ أَصْلًا، وَلَا يَسْتَوِي فِي الْمِيرَاثِ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ فَهُوَ مُسَلَّمٌ لَكِنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمَطْلُوبَ، إذْ الْخَصْمُ لَا يُسَلِّمُ كَوْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ بَلْ هُوَ أَوَّلُ الْمَسْأَلَةِ.
ثُمَّ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ ﵀ لَمْ يَعْتَبِرْ الْأُخُوَّةَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ فِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ أَيْضًا مِنْ جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ حَيْثُ قَالَ فِيهَا بِاسْتِوَاءِ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، كَمَا قَالَ بِهِ صَاحِبَاهُ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ فِي التَّبْيِينِ حَيْثُ قَالَ: وَيَسْتَوِي الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ اهـ.
وَقَدْ أَفْصَحَ عَنْهُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ أَيْضًا. وَلَا مِيرَاثَ لِلْعَبْدِ وَالْكَافِرِ أَصْلًا فَضْلًا عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute