ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ، لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَحْقِيقُ التَّمْلِيكِ فِي حَقِّهِمْ وَالْوَصِيَّةُ تَمْلِيكٌ. وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَالْوَصِيَّةُ فِي الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَصِيَّةِ الْقُرْبَةُ وَهِيَ فِي سَدِّ الْخَلَّةِ وَرَدِّ الْجَوْعَةِ.
وَهَذِهِ الْأَسَامِي تُشْعِرُ بِتَحَقُّقِ الْحَاجَةِ فَجَازَ حَمْلُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى لِشُبَّانِ بَنِي فُلَانٍ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ أَوْ لِأَيَامَى بَنِي فُلَانٍ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ حَيْثُ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يُنْبِئُ عَنْ الْحَاجَةِ فَلَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ تَمْلِيكًا فِي حَقِّ الْكُلِّ لِلْجَهَالَةِ الْمُتَفَاحِشَةِ وَتَعَذَّرَ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ، وَفِي الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ يَجِبُ الصَّرْفُ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهُمْ اعْتِبَارًا لِمَعْنَى الْجَمْعِ، وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ فِي الْوَصَايَا عَلَى مَا مَرَّ.
يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهَا أَيْضًا بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَنْ يُرَادَ بِلَفْظٍ فِي مَوْضِعَ فَرْدٌ مَخْصُوصٌ مِنْ أَفْرَادِ مَعْنَاهُ أَنْ لَا يَجُوزَ إطْلَاقُ ذَلِكَ اللَّفْظِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ عَلَى فَرْدٍ آخَرَ مِنْ أَفْرَادِ ذَاكَ الْمَعْنَى؛ أَلَا يُرَى أَنَّك إذَا قُلْت رَأَيْت إنْسَانًا يَفْعَلُ كَذَا وَأَرَدْت بِالْإِنْسَانِ هُنَاكَ فَرْدًا مَخْصُوصًا مِنْ أَفْرَادِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا يُطْلَقَ لَفْظُ الْإِنْسَانِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ عَلَى فَرْدٍ آخَرَ مِنْ أَفْرَادِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، فَإِذَنْ لَا يَثْبُتُ بِتِلْكَ الْآيَةِ مَطْلُوبُ أَبِي حَنِيفَةَ هُنَا وَهُوَ اخْتِصَاصُ الْوَصِيَّةِ لِأَهْلِ فُلَانٍ بِزَوْجَتِهِ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ تَتَنَاوَلَ غَيْرَهَا أَيْضًا كَمَا قَالَ صَاحِبَاهُ.
وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْغَايَةِ بِوَجْهٍ آخَرَ حَيْثُ قَالَ: وَقَوْلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute