وَلَوْ أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ يَدْخُلُ فِيهِمْ الْإِنَاثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَوَّلُ قَوْلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا لِأَنَّ جَمْعَ الذُّكُورِ يَتَنَاوَلُ الْإِنَاثَ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: يَتَنَاوَلُ الذُّكُورَ خَاصَّةً لِأَنَّ حَقِيقَةَ الِاسْمِ لِلذُّكُورِ وَانْتِظَامُهُ لِلْإِنَاثِ تَجَوُّزٌ وَالْكَلَامُ لِحَقِيقَتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَنُو فُلَانٍ اسْمَ قَبِيلَةٍ أَوْ فَخِذٍ حَيْثُ يَتَنَاوَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ لِأَنَّهُ لَيْسَ يُرَادُ بِهَا أَعْيَانُهُمْ إذْ هُوَ مُجَرَّدُ الِانْتِسَابِ كَبَنِي آدَمَ وَلِهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ وَالْمُوَالَاةُ وَحُلَفَاؤُهُمْ.
قَالَ (وَمَنْ أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ فَالْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمْ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ) لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ يَنْتَظِمُ الْكُلَّ انْتِظَامًا وَاحِدًا.
فِي الِاحْتِجَاجِ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الْآيَةِ الزَّوْجَةُ خَاصَّةً، لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ ﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا﴾ أَلَا يَرَى أَنَّهُ خَاطَبَهُمْ بِخِطَابِ الْجَمْعِ اهـ.
وَأَجَابَ عَنْهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ: وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِهِ أَوْ أَقَارِبِهَا مِمَّنْ ضَمَّتْهُمْ نَفَقَتُهُ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ الْأَرِقَّاءُ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ أَحَدٌ بِالِاتِّفَاقِ اهـ. أَقُولُ: لَا يَخْفَى عَلَى ذِي فِطْرَةٍ سَلِيمَةٍ أَنَّ هَذَا كَلَامٌ خَالٍ عَنْ التَّحْصِيلِ فِي دَفْعِ نَظَرِ صَاحِبِ الْغَايَةِ، فَإِنَّ حَاصِلَ نَظَرِهِ الْقَدَحُ فِي الِاحْتِجَاجِ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا وَقَعَ فِي سِيَاقِهِ مِنْ خِطَابِ الْأَهْلِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ يَأْبَى كَوْنَ الْمُرَادِ بِالْأَهْلِ هُنَاكَ الزَّوْجَةَ خَاصَّةً لَا الِاسْتِدْلَالَ عَلَى قَوْلِ صَاحِبَيْهِ بِتِلْكَ الْآيَةِ حَتَّى يَتِمَّ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ جَوَابًا عَنْهُ تَأَمَّلْ تَفْهَمْ. فَالْأَظْهَرُ فِي تَعْلِيلِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ هُنَا مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ حَيْثُ قَالَ: وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute