للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ لَمَّا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ، فَلَوْ لَمْ يُوصِ فِي الرَّقَبَةِ مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ مَعَ كَوْنِ الْخِدْمَةِ لِلْمُوصَى لَهُ، فَكَذَا إذَا أَوْصَى بِالرَّقَبَةِ لِإِنْسَانٍ آخَرَ، إذْ الْوَصِيَّةُ أُخْتُ الْمِيرَاثِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ فِيهِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ. وَلَهَا نَظَائِرُ، وَهُوَ مَا إذَا أَوْصَى بِأَمَةٍ لِرَجُلٍ وَبِمَا فِي بَطْنِهَا لِآخَرَ وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، أَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخَاتَمٍ وَلِآخَرَ بِفَصِّهِ، أَوْ قَالَ هَذِهِ الْقَوْصَرَةِ لِفُلَانٍ وَمَا فِيهَا مِنْ التَّمْرِ لِفُلَانٍ كَانَ كَمَا أَوْصَى، وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ الظَّرْفِ فِي الْمَظْرُوفِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، أَمَّا إذَا فَصَلَ أَحَدُ الْإِيجَابَيْنِ عَنْ الْآخَرِ فِيهَا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.

وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْأَمَةُ لِلْمُوصَى لَهُ بِهَا وَالْوَلَدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَكَذَلِكَ فِي أَخَوَاتِهَا. لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ بِإِيجَابِهِ فِي الْكَلَامِ الثَّانِي تَبَيَّنَ أَنَّ مُرَادَهُ مِنْ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ إيجَابُ الْأَمَةِ لِلْمُوصَى لَهُ بِهَا دُونَ الْوَلَدِ، وَهَذَا الْبَيَانُ مِنْهُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ مَفْصُولًا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُلْزِمُ شَيْئًا فِي حَالِ حَيَاةِ الْمُوصِي فَكَانَ الْبَيَانُ الْمَفْصُولُ فِيهِ وَالْمَوْصُولُ سَوَاءً

فَإِنَّ مُقَدِّمَاتِ الدَّلِيلِ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ مُسَاوِيَةً لِلْمُدَّعَى، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ كُلِّيَّةِ الْكُبْرَى إذَا كَانَ إنْتَاجُ الدَّلِيلِ بِطَرِيقِ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ وَهَاهُنَا كَذَلِكَ. إذْ حَاصِلُ هَذَا الدَّلِيلِ أَنَّ الْخِدْمَةَ وَالسُّكْنَى مِنْ قَبِيلِ الْمَنَافِعِ وَالْمَنَافِعُ لَيْسَتْ بِمَالٍ عَلَى أَصْلِنَا، وَمَا لَيْسَ بِمَالٍ فِي تَمْلِيكِهِ بِالْمَالِ إحْدَاثُ صِفَةِ الْمَالِيَّةِ فِيهِ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، وَمَا فِي تَمْلِيكِهِ إحْدَاثُ صِفَةِ الْمَالِيَّةِ فِيهِ لَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ إلَّا لِمَنْ تَمَلَّكَهُ تَبَعًا لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ أَوْ لِمَنْ تَمَلَّكَهُ بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ حَتَّى يَكُونَ مُمَلَّكًا لَهَا بِالصِّفَةِ الَّتِي تَمَلَّكَهَا وَلَا يَكُونُ مُمَلَّكًا أَكْثَرَ مِمَّا تَمَلَّكَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْعًا، وَلَا يَذْهَبُ عَلَى ذِي مُسْكَةٍ أَنَّ مَا عَدَا الصُّغْرَى مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ اقْتِضَاءِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ كُلِّيَّةً كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا فِي نَفْسِهَا لَا مَجَالَ لِتَقْيِيدِ شَيْءٍ مِنْهَا بِمَا يَخْرُجُ بِهِ مَنْفَعَةُ الْحُرِّ لِوُقُوعِهَا فِي مَحَلِّ الْكُبْرَى مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ تَبَصَّرْ

(قَوْلُهُ ثُمَّ لَمَّا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَقَوْلُهُ لَمَّا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ كَالْبَيَانِ وَالتَّفْسِيرِ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ حَالَةِ الِانْفِرَادِ: يَعْنِي لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْخِدْمَةِ مُنْفَرِدَةً كَانَتْ الرَّقَبَةُ مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ وَالْخِدْمَةُ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاكٍ فَكَذَا إذَا أَوْصَى بِالرَّقَبَةِ لِإِنْسَانٍ آخَرَ تَكُونُ الرَّقَبَةُ لَهُ وَالْخِدْمَةُ لِلْمُوصَى لَهُ بِهَا، إذْ الْوَصِيَّةُ أُخْتُ الْمِيرَاثِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمِلْكَ فِيهِمَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْمَوْتِ اهـ. أَقُولُ: إنَّ قَوْلَهُ السَّابِقَ كَالْبَيَانِ وَالتَّفْسِيرِ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ حَالَةِ الِانْفِرَادِ لَيْسَ بِسَدِيدٍ. وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ: كَالْبَيَانِ وَالتَّفْسِيرِ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ اعْتِبَارِ هَذِهِ الْحَالَةِ بِحَالَةِ الِانْفِرَادِ، لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ لَمَّا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ إلَخْ، وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الْمَزْبُورُ بِقَوْلِهِ يَعْنِي لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْخِدْمَةِ إلَخْ إنَّمَا يُفِيدُ أَنَّ بَيَانَ اعْتِبَارِ هَذِهِ الْحَالَةِ بِحَالَةِ الِانْفِرَادِ لَا بَيَانِ حَالَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>