للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا فِي وَصِيَّةِ الرَّقَبَةِ وَالْخِدْمَةِ. وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ اسْمَ الْخَاتَمِ يَتَنَاوَلُ الْحَلْقَةَ وَالْفَصَّ. وَكَذَلِكَ اسْمُ الْجَارِيَةِ يَتَنَاوَلُهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا. وَاسْمُ الْقَوْصَرَةِ كَذَلِكَ، وَمِنْ أَصْلِنَا أَنَّ الْعَامَّ الَّذِي مُوجِبُهُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ عَلَى سَبِيلِ الْإِحَاطَةِ بِمَنْزِلَةِ الْخَاصِّ فَقَدْ اجْتَمَعَ فِي الْفَصِّ وَصِيَّتَانِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا وَصِيَّةٌ بِإِيجَابٍ عَلَى حِدَةٍ فَيُجْعَلُ الْفَصُّ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَا يَكُونُ إيجَابُ الْوَصِيَّةِ فِيهِ لِلثَّانِي رُجُوعًا عَنْ الْأَوَّلِ، كَمَا إذَا أَوْصَى لِلثَّانِي بِالْخَاتَمِ، بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ مَعَ الرَّقَبَةِ لِأَنَّ اسْمَ الرَّقَبَةِ لَا يَتَنَاوَلُ الْخِدْمَةَ وَإِنَّمَا يَسْتَخْدِمُهُ الْمُوصَى لَهُ بِحُكْمِ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ حَصَلَتْ عَلَى مِلْكِهِ، فَإِذَا أَوْجَبَ الْخِدْمَةَ لِغَيْرِهِ لَا يَبْقَى لِلْمُوصَى لَهُ فِيهِ حَقٌّ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْكَلَامُ مَوْصُولًا لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ التَّخْصِيصِ وَالِاسْتِثْنَاءِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَوْجَبَ لِصَاحِبِ الْخَاتَمِ الْحَلْقَةَ خَاصَّةً دُونَ الْفَصِّ.

قَالَ (وَمَنْ أَوْصَى لِآخَرَ بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ ثُمَّ مَاتَ وَفِيهِ ثَمَرَةٌ فَلَهُ هَذِهِ الثَّمَرَةُ وَحْدَهَا، وَإِنْ قَالَ لَهُ ثَمَرَةُ بُسْتَانِي أَبَدًا فَلَهُ هَذِهِ الثَّمَرَةُ وَثَمَرَتُهُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ مَا عَاشَ، وَإِنْ أَوْصَى

الِانْفِرَادِ وَحْدَهَا كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى مُسْكَةٍ.

(قَوْلُهُ وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ اسْمَ الْخَاتَمِ يَتَنَاوَلُ الْحَلْقَةَ وَالْفَصَّ، وَكَذَا اسْمُ الْجَارِيَةِ يَتَنَاوَلُهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا) قُلْت: لَيْسَ الْمُرَادُ بِتَنَاوُلِ اسْمِ الْخَاتَمِ لِلْفَصِّ وَبِتَنَاوُلِ اسْمِ الْجَارِيَةِ لِمَا فِي بَطْنِهَا تَنَاوُلَهُمَا لَهُمَا لَفْظًا وَأَصَالَةً، وَإِلَّا يَلْزَمُ أَنْ يُخَالِفَ هَذَا مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِجَارِيَةٍ إلَّا حَمْلَهَا مِنْ أَنَّ اسْمَ الْجَارِيَةِ لَا يَتَنَاوَلُ الْحَمْلَ لَفْظًا وَلَكِنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِالْإِطْلَاقِ تَبَعًا، فَإِذَا أَفْرَدَ الْأُمَّ بِالْوَصِيَّةِ صَحَّ إفْرَادُهَا، وَيَلْزَمُ أَنْ يُخَالِفَ أَيْضًا مَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ أَنَّ الْفَصَّ لَا يَدْخُلُ فِي الْخَاتَمِ لَفْظًا بَلْ تَبَعًا، وَلِهَذَا لَوْ أَقَرَّ بِخَاتَمٍ لِرَجُلٍ وَاسْتَثْنَى فَصَّهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَكُونُ الْحَلْقَةُ وَالْفَصُّ جَمِيعًا لِلْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَصَرُّفٌ فِي الْمَلْفُوظِ. بَلْ إنَّمَا الْمُرَادُ هَاهُنَا بِتَنَاوُلِ اسْمِ الْخَاتَمِ لِلْفَصِّ وَاسْمِ الْجَارِيَةِ لِمَا فِي بَطْنِهَا تَنَاوُلُهُمَا لَهُمَا تَبَعًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَتَرْتَفِعُ الْمُخَالَفَةُ كَمَا تَوَهَّمَهَا الْبَعْضُ (قَوْلُهُ وَمِنْ أَصْلِنَا أَنَّ الْعَامَّ الَّذِي مُوجِبُهُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ عَلَى سَبِيلِ الْإِحَاطَةِ بِمَنْزِلَةِ الْخَاصِّ) أَقُولُ: لَا مَجَالَ لِلْعُمُومِ فِي الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَاتِيك الْمَسَائِلِ، لِأَنَّ الْحَلْقَةَ وَالْفَصَّ بِالنَّظَرِ إلَى اسْمِ الْخَاتَمِ، وَكَذَا الْجَارِيَةُ وَمَا فِي بَطْنِهَا بِالنَّظَرِ إلَى اسْمِ الْجَارِيَةِ، وَكَذَا الْقَوْصَرَةُ وَمَا فِيهَا بِالنَّظَرِ إلَى اسْمِ الْقَوْصَرَةِ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْزَاءِ لِمَدْلُولَاتِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ لَا جُزْئِيَّاتِ مَعَانِيهَا، إذْ لَا يَصْدُقُ مَعْنَى الْخَاتَمِ عَلَى الْفَصِّ وَحْدَهُ، وَلَا مَعْنَى الْجَارِيَةِ عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا وَحْدَهُ، وَلَا مَعْنَى الْقَوْصَرَةِ عَلَى مَا فِي الْقَوْصَرَةِ مِنْ مِثْلِ الثَّمَرِ وَحْدَهُ، عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي وَصِيَّةِ خَاتَمٍ بِعَيْنِهِ وَجَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا وَقَوْصَرَةٍ بِعَيْنِهَا وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ جُزْئِيٌّ خَاصٌّ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ فِيهَا الْعُمُومُ، فَقَوْلُهُ وَمِنْ أَصْلِنَا أَنَّ الْعَامَّ بِمَنْزِلَةِ الْخَاصِّ بِمَنْزِلَةِ اللَّغْوِ هَاهُنَا كَمَا لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْكَلَامُ مَوْصُولًا) لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ التَّخْصِيصِ أَوْ الِاسْتِثْنَاءِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَوْجَبَ لِصَاحِبِ الْخَاتَمِ الْحَلْقَةَ خَاصَّةً دُونَ الْفَصِّ. أَقُولُ: فِيهِ شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>