للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُوصِي، وَلَوْ تَوَلَّى حَيًّا بِنَفْسِهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَكَذَا إذَا تَوَلَّاهُ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ، وَهَذَا لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَالِيَّةِ لَا بِالصُّورَةِ وَالْبَيْعُ لَا يُبْطِلُ الْمَالِيَّةَ لِفَوَاتِهَا إلَى خَلَفٍ وَهُوَ الثَّمَنُ. بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَدْيُونِ لِأَنَّ لِلْغُرَمَاءِ حَقَّ الِاسْتِسْعَاءِ وَأَمَّا هَاهُنَا فَبِخِلَافِهِ.

قَالَ (وَمَنْ أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ عَبْدُهُ وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَبَاعَهُ الْوَصِيُّ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَضَاعَ فِي يَدِهِ فَاسْتَحَقَّ الْعَبْدُ ضَمِنَ الْوَصِيُّ) لِأَنَّهُ هُوَ الْعَاقِدُ فَتَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ عُهْدَةٌ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ مَا رَضِيَ بِبَذْلِ الثَّمَنِ إلَّا لِيُسَلِّمَ لَهُ الْمَبِيعَ وَلَمْ يُسَلِّمْ فَقَدْ أَخَذَ الْوَصِيُّ الْبَائِعُ مَالَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ. قَالَ (وَيَرْجِعُ فِيمَا تَرَكَ الْمَيِّتُ) لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ كَالْوَكِيلِ. وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ أَوَّلًا: لَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِقَبْضِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَا ذَكَرْنَا وَيَرْجِعُ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الثُّلُثِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ فَأَخَذَ حُكْمَهَا، وَمَحَلُّ الْوَصِيَّةِ الثُّلُثُ. وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْغُرُورِ وَذَلِكَ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَالدَّيْنُ يُقْضَى مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ، بِخِلَافِ الْقَاضِي أَوْ أَمِينِهِ إذَا تَوَلَّى الْبَيْعَ حَيْثُ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ فِي إلْزَامِهَا الْقَاضِيَ تَعْطِيلُ الْقَضَاءِ، إذْ يَتَحَامَى عَنْ تَقَلُّدِ هَذِهِ الْأَمَانَةِ حَذَرًا عَنْ لُزُومِ الْغَرَامَةِ فَتَتَعَطَّلُ مَصْلَحَةُ الْعَامَّةِ وَأَمِينُهُ سَفِيرٌ عَنْهُ كَالرَّسُولِ، وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيُّ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ وَقَدْ مَرَّ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ قَدْ هَلَكَتْ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِهَا وَفَاءٌ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ كَمَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ آخَرُ.

قَالَ (وَإِنْ قَسَمَ الْوَصِيُّ الْمِيرَاثَ فَأَصَابَ صَغِيرًا مِنْ الْوَرَثَةِ عَبْدٌ فَبَاعَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ وَاسْتَحَقَّ الْعَبْدَ رَجَعَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ) لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ، وَيَرْجِعُ الصَّغِيرُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِحِصَّتِهِ لِانْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ بِاسْتِحْقَاقِ مَا أَصَابَهُ.

قَالَ (وَإِذَا احْتَالَ الْوَصِيُّ بِمَالِ الْيَتِيمِ فَإِنْ كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ جَازَ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَمْلَأَ،

قَبْلَ مَوْتِهِ إلَى رَجُلٍ مَالًا لِيَحُجَّ عَنْهُ فَسَرَقَ الْمَالَ لَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ مَرَّةً أُخْرَى، كَذَلِكَ هَذَا انْتَهَى. فَكَأَنَّ ذَلِكَ الْقَائِلَ فَهِمَ مِنْ ظَاهِرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي تَقْرِيرِ دَلِيلِ مُحَمَّدٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ نَفْسِ الْمُوصِي شَيْءٌ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَوَقَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>