قَالَ (وَكَذَلِكَ الِابْنَانِ) مَعْنَاهُ إذَا شَهِدَ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَهُوَ يُنْكِرُ لِأَنَّهُمَا يَجُرَّانِ إلَى أَنْفُسِهِمَا نَفْعًا بِنَصْبِ حَافِظٍ لِلتَّرِكَةِ
(وَلَوْ شَهِدَا) يَعْنِي الْوَصِيَّيْنِ (لِوَارِثٍ صَغِيرٍ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ أَوْ غَيْرِهِ) (فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ) لِأَنَّهُمَا يُظْهِرَانِ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ لِأَنْفُسِهِمَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ.
قَالَ (وَإِنْ شَهِدَ لِوَارِثٍ كَبِيرٍ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَالِ الْمَيِّتِ جَازَ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: إنْ شَهِدَا لِوَارِثٍ كَبِيرٍ تَجُوزُ فِي الْوَجْهَيْنِ، لَأَنْ لَا يَثْبُتَ لَهُمَا وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي التَّرِكَةِ إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا فَعَرِيَتْ عَنْ التُّهْمَةِ. وَلَهُ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُمَا وِلَايَةُ الْحِفْظِ وَوِلَايَةُ بَيْعِ الْمَنْقُولِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْوَارِثِ فَتَحَقَّقَتْ التُّهْمَةُ بِخِلَافِ شَهَادَتِهَا فِي غَيْرِ التَّرِكَةِ لِانْقِطَاعِ وِلَايَةِ وَصِيِّ الْأَبِ عَنْهُ، لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَقَامَهُ مُقَامَ نَفْسِهِ فِي تَرِكَتِهِ لَا فِي غَيْرِهَا. .
قَالَ (وَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ لِرَجُلَيْنِ عَلَى مَيِّتٍ بِدَيْنِ
الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَتَسْقُطُ بِشَهَادَتِهِمَا مُؤْنَةُ التَّعْيِينِ عَنْهُ. أَمَّا الْوِصَايَةُ تَثْبُتُ بِنَصْبِ الْقَاضِي، وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَكُونُ حُجَّةً فِي الدَّفْعِ وَلَا يَكُونُ حُجَّةً فِي الْإِثْبَاتِ كَالِاسْتِصْحَابِ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ شَهَادَةُ الْمُتَّهَمِ أَيْضًا كَذَلِكَ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَثَرُ الدَّفْعِ، وَلَقَدْ أَفْصَحَ عَنْهُ صَاحِبُ الْغَايَةِ هُنَا حَيْثُ قَالَ: وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْقَاضِيَ مَلَكَ نَصْبَ الْوَصِيِّ إذَا كَانَ طَالِبًا وَالْمَوْتُ مَعْرُوفًا فَلَا يُثْبِتُ الْقَاضِي بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وِلَايَةً لَمْ تَكُنْ، وَإِنَّمَا أُسْقِطَتْ عَنْهُ مُؤْنَةُ التَّعْيِينِ. وَمِثَالُهُ أَنَّ الْقُرْعَةَ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ، وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِي تَعْيِينِ الْأَنْصِبَاءِ لِدَفْعِ التُّهْمَةِ عَنْ الْقَاضِي فَصَلَحَتْ دَافِعَةً لَا مُوجِبَةً، فَكَذَلِكَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ تَدْفَعُ عَنْهُ مُؤْنَةَ التَّعْيِينِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الِابْنَانِ) قَالَ الشُّرَّاحُ: قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الِابْنَانِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ اهـ. أَقُولُ: تَفْسِيرُ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الِابْنَانِ بِقَوْلِهِ مَعْنَاهُ إذَا شَهِدَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَهُوَ يُنْكِرُ يَقْتَضِي أَيْضًا بِظَاهِرِهِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الِابْنَانِ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي صُورَةِ الْإِنْكَارِ بُطْلَانُ الشَّهَادَةِ لَا غَيْرُ، لَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِي مَا دَعَاهُمْ إلَى جَعْلِ قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ الِابْنَانِ مَعْطُوفًا عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَقَطْ دُونَ مَجْمُوعِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَعَ صِحَّةِ الْمَعْنَى فِي الثَّانِي أَيْضًا وَزِيَادَةُ الْإِفَادَةِ إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى إذْ ذَاكَ وَكَذَلِكَ حُكْمُ شَهَادَةِ الِابْنَيْنِ فِي صُورَةِ أَنْ يُنْكِرَ الْمَشْهُودُ لَهُ مَا شَهِدَا بِهِ، وَفِي صُورَةِ أَنْ يَدَّعِيَهُ فَإِنَّ شَهَادَتَهُمَا تَبْطُلُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَتُقْبَلُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ اسْتِحْسَانًا وَهَذَا جَيِّدٌ جِدًّا فَإِنَّ جَوَابَ مَسْأَلَةِ الِابْنَيْنِ كَجَوَابِ مَسْأَلَةِ شَهَادَةِ الْوَصِيَّيْنِ فِي الصُّورَتَيْنِ مَعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ، وَأَمَّا إذَا جَعَلَ قَوْلَهُ وَكَذَلِكَ الِابْنَانِ مَعْطُوفًا عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَقَطْ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ إحْدَى صُورَتَيْ مَسْأَلَةِ شَهَادَةِ الِابْنَيْنِ مَتْرُوكَةَ الْبَيَانِ فِي الْكِتَابِ بِالْكُلِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ. فَالْحَقُّ عِنْدِي أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ لَا مَحَالَةَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِمَا فِي غَيْرِ التَّرِكَةِ لِانْقِطَاعِ وِلَايَةِ وَصِيِّ الْأَبِ عَنْهُ، لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَقَامَهُ مُقَامَ نَفْسِهِ فِي تَرِكَتِهِ لَا فِي غَيْرِهَا) أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنْ تَجُوزَ شَهَادَتُهُمَا لِوَارِثٍ صَغِيرٍ أَيْضًا فِي غَيْرِ تَرِكَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِجَرَيَانِهِ بِعَيْنِهِ هُنَاكَ أَيْضًا مَعَ أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ شَهَادَتِهِمَا لِوَارِثٍ صَغِيرٍ بِشَيْءٍ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَغَيْرُهَا مُتَّفِقٌ فِي الْكِتَابِ آنِفًا فَلْيَتَأَمَّلْ فِي الدَّفْعِ
(قَوْلُهُ وَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ لِرَجُلَيْنِ عَلَى مَيِّتٍ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: جِنْسُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute