يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَاَلَّذِي خَلْفَهُ بِحِذَائِهِ صَلَاتَهُمْ احْتِيَاطًا) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ.
قَالَ (وَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يُصَلِّيَ بِقِنَاعٍ) لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ امْرَأَةٌ (وَيَجْلِسَ فِي صَلَاتِهِ جُلُوسَ الْمَرْأَةِ) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا فَقَدْ تَرَكَ سُنَّةً وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَقَدْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا لِأَنَّ السِّتْرَ عَلَى النِّسَاءِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ (وَإِنْ صَلَّى بِغَيْرِ قِنَاعٍ أَمَرْته أَنْ يُعِيدَ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ وَهُوَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَإِنْ لَمْ يُعِدْ أَجْزَأَهُ (وَتَبْتَاعُ لَهُ أَمَةٌ تَخْتِنُهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ) لِأَنَّهُ يُبَاحُ لِمَمْلُوكَتِهِ النَّظَرُ إلَيْهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً. وَيُكْرَهُ أَنْ يَخْتِنَهُ رَجُلٌ لِأَنَّهُ عَسَاهُ أُنْثَى أَوْ تَخْتِنُهُ امْرَأَةٌ لِأَنَّهُ لَعَلَّهُ رَجُلٌ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِيمَا قُلْنَا (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ابْتَاعَ لَهُ الْإِمَامُ أَمَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّهُ أُعِدَّ لِنَوَائِب الْمُسْلِمِينَ
قَالَ جُمْهُورُ الشُّرَّاحِ: إنَّمَا قَالَ بِاسْتِحْبَابِ إعَادَةِ الصَّلَاةِ دُونَ الْوُجُوبِ وَالْأَخْذُ بِالِاحْتِيَاطِ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ وَاجِبٌ، لِأَنَّ الْمُسْقِطَ وَهُوَ الْأَدَاءُ مَعْلُومٌ، وَالْمُفْسِدَ وَهُوَ مُحَاذَاةُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ فِي صَلَاةٍ مُشْتَرَكَةٍ مَوْهُومٌ، فَلِلتَّوَهُّمِ أُحِبُّ لَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ انْتَهَى. وَعَزَاهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ إلَى الْمَبْسُوطِ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا يَذْهَبُ عَلَى ذِي فَطَانَةٍ أَنَّ كَوْنَ الْمُفْسِدِ مَوْهُومًا لَا يَرْفَعُ وُجُوبَ إعَادَةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ تَقَرُّرِ كَوْنِ الْأَخْذِ بِالِاحْتِيَاطِ وَاجِبًا فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، فَإِنَّ الِاحْتِيَاطَ يَقْتَضِي الِاحْتِرَازَ عَنْ الْمَوْهُومِ أَيْضًا، فَالظَّاهِرُ عِنْدِي مَا ذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ وَنَقَلَهُ الشُّرَّاحُ هُنَا عَنْهَا، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ صَلَاتَهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ مُرَاهِقًا، فَإِنَّ الْإِعَادَةَ مُسْتَحَبَّةٌ فِي حَقِّهِ تَخَلُّقًا وَاعْتِيَادًا. وَأَمَّا إذَا كَانَ بَالِغًا فَالْإِعَادَةُ وَاجِبَةٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا كَانَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ احْتِيَاطًا عَلَى مَا هُوَ الْحُكْمُ فِي بَابِ الْعِبَادَةِ.
(قَوْلُهُ وَيَجْلِسُ فِي صَلَاتِهِ جُلُوسَ الْمَرْأَةِ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا فَقَدْ تَرَكَ سُنَّةً وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَقَدْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا لِأَنَّ السَّتْرَ عَلَى النِّسَاءِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ) أَقُولُ: فِي هَذَا التَّعْلِيلِ كَلَامٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ أَنَّهُ جَائِزٌ بِلَا عُذْرٍ فَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ جَائِزٌ بِعُذْرٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي حَيْثُ قَالَ: وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ الْعُذْرِ، وَكَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ، وَبَيَّنَ وَجْهَ الْعُذْرِ هُنَا حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّ الرَّجُلَ يَجْلِسُ كَذَلِكَ عِنْدَ الْعُذْرِ وَاشْتِبَاهُ الْحَالِ مِنْ أَبْيَنِ الْأَعْذَارِ اهـ. فَهُوَ مُسَلَّمٌ لَكِنْ يُرَدُّ حِينَئِذٍ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَقَدْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا أَنْ يُقَالَ: ارْتِكَابُ الْمَكْرُوهِ أَيْضًا جَائِزٌ عِنْدَ الْعُذْرِ، وَاشْتِبَاهُ الْحَالِ مِنْ أَبْيَنِ الْأَعْذَارِ فَمَا الرُّجْحَانُ فِي جُلُوسِهِ جُلُوسَ الْمَرْأَةِ فَتَأَمَّلْ فِي الدَّفْعِ.
(قَوْلُهُ وَتُبْتَاعُ لَهُ أَمَةٌ تَخْتِنُهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لِمَمْلُوكَتِهِ النَّظَرُ إلَيْهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً) قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: هَذَا التَّعْلِيلُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَلَكِنْ هُوَ فَاسِدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute