للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَإِذَا خَتَنَتْهُ بَاعَهَا وَرَدَّ ثَمَنَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ) لِوُقُوعِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا

(وَيُكْرَهُ لَهُ فِي حَيَاتِهِ لُبْسُ الْحُلِيِّ وَالْحَرِيرِ، وَأَنْ يَتَكَشَّفَ قُدَّامَ الرِّجَالِ أَوْ قُدَّامَ النِّسَاءِ.

فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ، لِأَنَّ الْأَمَةَ لَا يُبَاحُ لَهَا النَّظَرُ إلَى مَوَاضِعِ الْعَوْرَةِ مِنْ سَيِّدَتِهَا مُطْلَقًا، لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي اسْتِحْبَابِ الْمَبْسُوطِ أَنَّ لِلْأَمَةِ أَنْ تَنْظُرَ إلَى مَوْلَاتِهَا كَمَا لِلْأَجْنَبِيَّاتِ، فَعَلِمَ بِهَذَا أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِلْمِلْكِ فِي إبَاحَةِ النَّظَرِ إلَى سَيِّدَتِهَا. وَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ هُنَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ فَقَالَ: لِأَنَّهُ مَتَى اشْتَرَى الْوَلِيُّ جَارِيَةً لِلْخُنْثَى فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا الْخُنْثَى، ثُمَّ إنْ كَانَ الْخُنْثَى ذَكَرًا فَهَذَا نَظَرُ الْمَمْلُوكَةِ إلَى مَالِكِهَا، وَإِنْ كَانَ الْخُنْثَى أُنْثَى فَإِنَّهُ نَظَرُ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ وَإِنَّهُ مُبَاحٌ حَالَةَ الْعُذْرِ، فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ شِرَاءَ الْجَارِيَةِ لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْخُنْثَى أُنْثَى، بِاعْتِبَارِ أَنَّ نَظَرَ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ أَخَفُّ مِنْ نَظَرِهِ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ، لَا أَنْ يَكُونَ الْمِلْكُ تَأْثِيرًا فِي إبَاحَةِ نَظَرِ الْمَمْلُوكَةِ إلَى سَيِّدَتِهَا، إلَى هُنَا لَفْظُ النِّهَايَةِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْغَايَةِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ اعْتِرَاضَ صَاحِبِ النِّهَايَةِ عَلَى تَعْلِيلِ الْمُصَنِّفِ: وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ لَا فِي حَالَةِ الْعُذْرِ، وَلِهَذَا لَوْ أَصَابَ الْمَرْأَةَ قُرْحٌ أَوْ جُرْحٌ فِي مَوْضِعٍ لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ تُدَاوِيهِ الْمَرْأَةُ، وَكَذَا نَظَرُ الْقَابِلَةِ إلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَقْتَ الْوِلَادَةِ يَحِلُّ، فَإِذَا جَازَ النَّظَرُ بِالْعُذْرِ فَإِقَامَة السُّنَّةُ أَيْضًا عُذْرٌ جَازَ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ إلَى فَرْجِهَا انْتَهَى. أَقُولُ: نَظَرُهُ سَاقِطٌ، إذْ يَشْتَرِكُ فِي جَوَازِ النَّظَرِ بِالْعُذْرِ إلَى مَوْضِعِ الْعَوْرَةِ مِنْ الْأَمَةِ الْمَرْأَةُ وَالْحُرَّةُ وَالْمَمْلُوكَةُ وَغَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلْمِلْكِ تَأْثِيرٌ فِي إبَاحَةِ نَظَرِ الْمَمْلُوكَةِ إلَى سَيِّدَتِهَا أَصْلًا. وَتَعْلِيلُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لِمَمْلُوكَتِهِ النَّظَرُ إلَيْهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً يُشْعِرُ لَا مَحَالَةَ بِتَأْثِيرِ الْمِلْكِ فِي إبَاحَةِ النَّظَرِ إلَى سَيِّدَتِهَا كَتَأْثِيرِهِ فِي إبَاحَةِ النَّظَرِ إلَى سَيِّدِهَا، فَيُرَدُّ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ هَذَا صَحِيحٌ فِي حَقِّ الرَّجُلِ فَاسِدٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ، وَعَنْ هَذَا أَمْضَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّرَّاحِ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْكَافِي فِي التَّعْلِيلِ: لِأَنَّهُ يُبَاحُ لِمَمْلُوكَتِهِ النَّظَرُ إلَى ذَكَرِهِ إنْ كَانَ رَجُلًا

(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ لَهُ فِي حَيَاتِهِ لُبْسُ الْحُلِيِّ وَالْحَرِيرِ) قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: وَلَيْسَ فِي قَيْدِ قَوْلِهِ فِي حَيَاتِهِ زِيَادَةُ فَائِدَةٍ، لِأَنَّ الْحَيَاةَ تُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ اللُّبْسِ وَمِنْ ذِكْرِ اخْتِصَاصِ الْكَرَاهَةِ لِمَا أَنَّ بَعْدَ الْمَوْتِ لَوْ وُجِدَ ذَاكَ اللِّبَاسُ لَا لَبِسَ، وَالْكَرَاهَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْمُلْبِسِ لَا لِلْمَيِّتِ، وَقَدْ اقْتَفَى أَثَرَهُ صَاحِبَا الْكِفَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَقَصَدَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ رَدَّ ذَلِكَ فَقَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ وَهُوَ مُنَاقَشَةٌ سَهْلَةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا يُذْكَرُ فِي التَّرَاكِيبِ يَكُونُ قَيْدًا لِلْإِخْرَاجِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا بَيَانًا لِلْوَاقِعِ انْتَهَى. أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ حَاصِلَ دَخَلَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَيَاتِهِ قَيْدٌ مُسْتَدْرَكٌ لَا فَائِدَةَ فِيهِ هُنَا لَا نَفْهَمُ مَعْنَاهُ مِمَّا ذُكِرَ فِيمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ، وَلَا يَذْهَبُ عَلَيْك أَنَّ كَوْنَهُ بَيَانًا لِلْوَاقِعِ لَا يَدْفَعُ اسْتِدْرَاكَهُ وَعَدَمُ الْفَائِدَةِ فِي ذِكْرِهِ إذَا كَانَ الْوَاقِعُ مُبَيَّنًا بِدُونِهِ، فَالْوَجْهُ فِي الِاعْتِذَارِ عَنْ ذِكْرِهِ مَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ الشُّرَّاحُ أَنْفُسُهُمْ حَيْثُ قَالُوا: إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ فِي ذَلِكَ لَفْظَ الْمَبْسُوطِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي لَفْظِ الْمَبْسُوطِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ ذِكْرِ تَكْفِينِ الْخُنْثَى إذَا مَاتَ فَكَانَ ذِكْرُ الْحَيَاةِ هُنَاكَ لِتَبْيِينِ الْمُقَابَلَةِ لَا لِلْقَيْدِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَأَنْ يَتَكَشَّفَ قُدَّامَ الرِّجَالِ أَوْ قُدَّامَ النِّسَاءِ) قَالَ جُمْهُورُ الشُّرَّاحِ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَظَرَ الْمَرْأَةِ إلَى الْمَرْأَةِ كَنَظَرِ الرَّجُلِ إلَى ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ لَا كَنَظَرِ الرَّجُلِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>