وَوُجُوبُ الْجَوَابِ إذَا حَضَرَ لِيُفِيدَ حُضُورُهُ وَلُزُومُ إحْضَارِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ لِمَا قُلْنَا وَالْيَمِينِ إذَا أَنْكَرَهُ، وَسَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قَالَ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً ذَكَرَ قِيمَتَهَا لِيَصِيرَ الْمُدَّعَى مَعْلُومًا) لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تُعْرَفُ بِالْوَصْفِ، وَالْقِيمَةُ تُعْرَفُ بِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ مُشَاهَدَةُ الْعَيْنِ
الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - فَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرِ مُنْكِرٍ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ ﵀، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ فَحَلَّ مَحَلَّ الْإِجْمَاعِ (وَوُجُوبُ الْجَوَابِ إذَا حَضَرَ) عَطْفٌ عَلَى وُجُوبِ الْحُضُورِ: أَيْ وَيَتَعَلَّقُ بِالدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ أَيْضًا وُجُوبُ الْجَوَابِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَعَمْ أَوْ بِلَا (لِيُفِيدَ حُضُورُهُ) أَيْ حُضُورَ الْخَصْمِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ حُضُورِهِ الْجَوَابُ (وَلُزُومُ إحْضَارِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ) أَيْ وَيَتَعَلَّقُ بِالدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ أَيْضًا لُزُومُ أَنْ يُحْضِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَيْنَ الْمُدَّعَاةَ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي (لِمَا قُلْنَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ لِيُشِيرَ إلَيْهَا بِالدَّعْوَى (وَالْيَمِينِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى إحْضَارِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ، فَالْمَعْنَى: وَيَتَعَلَّقُ بِالدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ أَيْضًا لُزُومُ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (إذَا أَنْكَرَهُ) أَيْ إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْبَيِّنَةِ (وَسَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَيْ وَسَنَذْكُرُ لُزُومَ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ
(قَالَ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً ذَكَرَ قِيمَتَهَا) هَذَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ: أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ الْمُدَّعَاةُ حَاضِرَةً فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ كَانَتْ غَائِبَةً لَا يَدْرِي مَكَانَهَا ذَكَرَ الْمُدَّعِي قِيمَةَ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ الْغَائِبَةِ (لِيَصِيرَ الْمُدَّعِي مَعْلُومًا) فَتَصِحُّ الدَّعْوَى بِوُقُوعِهَا عَلَى مَعْلُومٍ (لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تُعْرَفُ بِالْوَصْفِ) لِإِمْكَانِ مُشَارَكَةِ أَعْيَانٍ كَثِيرَةٍ فِيهِ، وَإِنْ بُولِغَ فِيهِ فَذَكَرَ الْوَصْفَ لَا يُفِيدُ (وَالْقِيمَةُ تُعْرَفُ بِهِ) أَيْ وَالْقِيمَةُ شَيْءٌ تُعْرَفُ الْعَيْنُ بِهِ فَذِكْرُهَا يُفِيدُ (وَقَدْ تَعَذَّرَ مُشَاهَدَةُ الْعَيْنِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ قَوْلِهِ وَالْقِيمَةُ تُعْرَفُ بِهِ: أَيْ وَالْقِيمَةُ شَيْءٌ تُعْرَفُ بِهِ: يَعْنِي وَالْحَالُ أَنَّ الْمُشَاهَدَةَ مُتَعَذِّرَةٌ فَيَكُونُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ إذْ ذَاكَ أَقْصَى مَا يُمْكِنُ الْإِعْلَامُ.
وَقَدْ جَعَلَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute