للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ: وَفِي مَسْأَلَةِ الْعَيْبِ تَفْصِيلٌ نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ (وَكُلُّ عَقْدٍ يُضِيفُهُ إلَى مُوَكِّلِهِ كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فَإِنَّ حُقُوقَهُ تَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ فَلَا يُطَالَبُ وَكِيلُ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ وَلَا يَلْزَمُ وَكِيلَ الْمَرْأَةِ تَسْلِيمُهَا)؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيهَا سَفِيرٌ مَحْضٌ؛ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ كَانَ النِّكَاحُ لَهُ فَصَارَ كَالرَّسُولِ،

ظَاهِرٌ، إذْ قَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمِلْكَ الْكَامِلَ هُوَ الْمِلْكُ الْمُسْتَقِرُّ فَلَا مُخَالَفَةَ. قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: إنَّ الْقَاضِيَ أَبَا زَيْدٍ خَالَفَهُمَا وَقَالَ: الْوَكِيلُ نَائِبٌ فِي حَقِّ الْحُكْمِ أَصِيلٌ فِي حَقِّ الْحُقُوقِ، فَإِنَّ الْحُقُوقَ تَثْبُتُ لَهُ ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ مِنْ قِبَلِهِ فَوَافَقَ أَبَا الْحَسَنِ فِي حَقِّ الْحُقُوقِ، وَوَافَقَ أَبَا طَاهِرٍ فِي حَقِّ الْحُكْمِ وَهَذَا حَسَنٌ، كَذَا ذُكِرَ فِي الْإِيضَاحِ وَالْفَتَاوَى الصُّغْرَى (قَالَ ) أَيْ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَفِي مَسْأَلَةِ الْعَيْبِ تَفْصِيلٌ نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَرَادَ بِهِ مَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِقَوْلِهِ: وَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ مَا دَامَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ، وَإِنْ سَلَّمَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ لَمْ يَرُدَّهُ إلَّا بِإِذْنِهِ، كَذَا فِي عَامَّةِ الشُّرُوحِ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْقَصْرُ عَلَيْهِ قُصُورٌ بَلْ الظَّاهِرُ عُمُومُ الْحَوَالَةِ لِمَا يَذْكُرُهُ فِي فَصْلٍ فِي الْبَيْعِ بِقَوْلِهِ وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ إلَخْ. أَقُولُ: الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ تَعَلُّقِ حُقُوقِ الْعَقْدِ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ فِي الْكِتَابِ إنَّمَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشُّرَّاحُ هَاهُنَا، فَإِنَّ الْوَكِيلَ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِمُقْتَضَى تَعَلُّقِ حُقُوقِ عَقْدِ الشِّرَاءِ بِالْوَكِيلِ. ثُمَّ بَعْدَ هَذَا إنْ بَقِيَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ يَبْقَى حَقُّ الرَّدِّ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ بَلْ كَانَ سَلَّمَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ يَسْقُطُ ذَلِكَ الْحَقُّ عَنْهُ لِانْتِهَاءِ حُكْمِ الْوَكَالَةِ بِالتَّسْلِيمِ فَيَتَوَقَّفُ الرَّدُّ عَلَى إذْنِ الْمُوَكِّلِ. وَلَمَّا لَمْ يُعْلَمْ هَذَا التَّفْصِيلُ هَاهُنَا وَكَانَ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِهِ أَحَالَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا سَيَذْكُرُهُ فِي فَصْلِ الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.

وَأَمَّا الَّذِي يَذْكُرُهُ فِي فَصْلِ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ بِقَوْلِهِ وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ إلَخْ فَمِمَّا لَا مِسَاسَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ، فَإِنَّ حَاصِلَ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا رُدَّ الْعَبْدُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ بِعَيْبٍ فَإِنْ رُدَّ عَلَيْهِ بِحُجَّةٍ كَامِلَةٍ يَرُدُّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ رُدَّ عَلَيْهِ بِحُجَّةٍ قَاصِرَةٍ لَا يَرُدُّهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا أَمْرٌ وَرَاءَ تَعَلُّقِ حُقُوقِ الْعَقْدِ بِالْوَكِيلِ يَجْرِي بَيْنَ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحَوَالَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ لَا مَا يَتَعَلَّقُ بِمُجَرَّدِ الْعَيْبِ، فَلِهَذَا لَمْ يُعَمِّمْهَا الشُّرَّاحُ كَمَا تَوَهَّمَهُ ذَلِكَ الْقَائِلُ

(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَكُلُّ عَقْدٍ يُضِيفُهُ) أَيْ يُضِيفُهُ الْوَكِيلُ (إلَى مُوَكِّلِهِ) هَذِهِ ضَابِطَةُ الضَّرْبِ الثَّانِي: أَيْ كُلُّ عَقْدٍ لَا يَسْتَغْنِي الْوَكِيلُ فِيهِ عَنْ الْإِضَافَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ (كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فَإِنَّ حُقُوقَهُ تَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ) فَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (فَلَا يُطَالَبُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (وَكِيلُ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ وَلَا يَلْزَمُ وَكِيلَ الْمَرْأَةِ تَسْلِيمُهَا) أَيْ تَسْلِيمُ الْمَرْأَةِ إلَى زَوْجِهَا (لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ (سَفِيرٌ مَحْضٌ) أَيْ مُعَبِّرٌ مَحْضٌ حَاكٍ قَوْلَ الْمُوَكِّلِ، وَمَنْ حَكَى قَوْلَ الْغَيْرِ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ قَوْلِ ذَلِكَ الْغَيْرِ (أَلَا يُرَى أَنَّهُ) أَيْ الْوَكِيلَ (لَا يَسْتَغْنِي عَنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ) كَيْفَ (وَلَوْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ كَانَ النِّكَاحُ) مَثَلًا (لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ نَفْسِهِ فَيَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ الْوَكَالَةِ وَالْكَلَامِ فِيهِ (فَصَارَ كَالرَّسُولِ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْوَكِيلُ فِي هَذَا الضَّرْبِ سَفِيرًا مَحْضًا فَقَدْ صَارَ كَالرَّسُولِ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحُكْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>