للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ (وَإِنْ كَانَ حَقًّا فِي الذِّمَّةِ ذُكِرَ أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِهِ) لِمَا قُلْنَا، وَهَذَا لِأَنَّ صَاحِبَ الذِّمَّةِ قَدْ حَضَرَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْمُطَالَبَةُ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهِ بِالْوَصْفِ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِهِ

قَالَ (وَإِذَا صَحَّتْ الدَّعْوَى سَأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْهَا) لِيَنْكَشِفَ لَهُ وَجْهُ الْحُكْمِ (فَإِنْ اعْتَرَفَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِهَا)

تِلْكَ الزِّيَادَةَ لِيَنْدَفِعَ بِهَا شُبْهَةُ كَوْنِ الْيَدِ بِحَقٍّ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ بِتَامَّةٍ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ مِنْهَا أَنْ لَا يَصِحَّ الْإِتْيَانُ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ عَلَى أَنْ تُجْعَلَ تِلْكَ الزِّيَادَةُ قَيْدًا لِلْكَلَامِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي صِحَّةَ الْإِتْيَانِ بِهَا عَلَى أَنْ تُجْعَلَ كَلَامًا مُسْتَقِلًّا بِأَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي إنَّهُ فِي يَدِهِ وَإِنَّ يَدَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ حِينَئِذٍ تَصِيرُ كَلَامًا مُسْتَقِلًّا كَمَا تَرَى وَتَصِيرُ مُتَأَخِّرًا فِي الرُّتْبَةِ عَنْ ثُبُوتِ الْيَدِ كَقَوْلِهِ أُطَالِبُهُ لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ حَقَّ ذِكْرِ الْمُطَالَبَةِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْيَدِ، كَذَلِكَ حَقُّ ذِكْرِ أَنَّ يَدَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ بَعْدَ ثُبُوتِهَا، إذْ قَبْلَ ثُبُوتِ الْيَدِ كَمَا لَا فَائِدَةَ فِي الْمُطَالَبَةِ لَا فَائِدَةَ أَيْضًا فِي بَيَانِ أَنَّ يَدَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهَذَا مِمَّا لَا سُتْرَةَ بِهِ فَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ عَدَمِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ مُطْلَقًا فِي دَعْوَى الْمَنْقُولِ.

وَبِالْجُمْلَةِ إنَّ مَا ذَكَرَهُ وَجْهٌ لَفْظِيٌّ مَخْصُوصٌ بِصُورَةِ كَوْنِ الزِّيَادَةِ قَيْدًا لِلْكَلَامِ الْأَوَّلِ لَا وَجْهٌ فِقْهِيٌّ عَامٌّ لِجَمِيعِ صُوَرِ الزِّيَادَةِ فَلَا يَتِمُّ التَّقْرِيبُ قَطْعًا.

وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي الْمَقَامِ بِأَنَّ شُبْهَةَ كَوْنِ الْيَدِ بِحَقٍّ تَنْدَفِعُ فِي دَعْوَى الْمَنْقُولِ أَيْضًا بِالْمُطَالَبَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ تُتْرَكَ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي دَعْوَى الْمَنْقُولِ كَمَا تُتْرَكُ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ، وَلَا يَنْحَلُّ هَذَا الْإِشْكَالُ بِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ فِي الْمَنْقُولِ كَالْمُطَالَبَةِ فِي الدُّيُونِ لَيْسَ لِدَفْعِ الِاحْتِمَالِ بَلْ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْعَقَارِ انْتَهَى؛ لِأَنَّ دَفْعَ الِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ يَحْصُلُ قَطْعًا مِنْ ذِكْرِ الْمُطَالَبَةِ فِي الْمَنْقُولِ أَيْضًا فَلَا يُدْفَعُ: أَيْ لَا يُقْصَدُ بِهَا دَفْعُ ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ فِي الْمَنْقُولِ اسْتِدْرَاكُ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ. وَأَمَّا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّحْقِيقِ فَيَنْدَفِعُ بِهِ هَذَا الْإِشْكَالُ كَمَا يَنْدَفِعُ بِهِ اعْتِرَاضُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ كَمَا تَحَقَّقْته مِنْ قَبْلُ. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هُدَانَا اللَّهُ

(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَإِنْ كَانَ حَقًّا فِي الذِّمَّةِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى حَقًّا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ: يَعْنِي إنْ كَانَ دَيْنًا لَا عَيْنًا (ذُكِرَ أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِهِ) يَعْنِي ذُكِرَ أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَيْنِ عَلَى مَا فَصَّلَ فِيمَا مَرَّ (لِمَا قُلْنَا) تَعْلِيلٌ لِمُجَرَّدِ ذِكْرِ الْمُطَالَبَةِ فِيهِ وَإِشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ حَقُّهُ فَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِ (وَهَذَا) أَيْ الِاكْتِفَاءُ فِيهِ بِذِكْرِ الْمُطَالَبَةِ (لِأَنَّ صَاحِبَ الذِّمَّةِ قَدْ حَضَرَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْمُطَالَبَةُ كَمَا لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهِ) أَيْ تَعْرِيفِ مَا فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ الدَّيْنُ (بِالْوَصْفِ) أَيْ بِالصِّفَةِ؛ فَالْمَعْنَى: لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهِ بِالْوَصْفِ كَمَا لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهِ بِالْجِنْسِ وَالْقَدْرِ عَلَى مَا عُرِفَ فِيمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ الْقُدُورِيِّ، وَلَا تُقْبَلُ الدَّعْوَى حَتَّى يَذْكُرَ شَيْئًا مَعْلُومًا فِي جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ (لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِهِ) أَيْ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ يُعْرَفُ بِالْوَصْفِ: أَيْ الصِّفَةِ، بِأَنْ يُقَالَ إنَّهُ جَيِّدٌ أَوْ وَسَطٌ أَوْ رَدِيءٌ بَعْدَ أَنْ يَذْكُرَ جِنْسَهُ وَقَدْرَهُ، وَلَكِنْ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الصِّفَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا وَزْنِيًّا إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ.

أَمَّا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ كَمَا ذُكِرَ فِي الشُّرُوحِ وَمُعْتَبَرَاتِ الْفَتَاوَى، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْوَصْفِ هَاهُنَا مَعْنَى الصِّفَةِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ، لَكِنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ حَيْثُ مَعْنَى الْمَقَامِ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِهِ مَعْنَى الْبَيَانِ، فَالْمَعْنَى: لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِ مَا فِي الذِّمَّةِ أَيْضًا بِالْبَيَانِ: أَيْ بِبَيَانِ مَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ مُطْلَقًا، وَمِنْ نَوْعِهِ وَصِفَتِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ عَلَى مَا فَصَّلَ فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ وَفُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ. وَبِالْجُمْلَةِ لَا بُدَّ فِي كُلِّ جِنْسٍ مِنْ الْإِعْلَامِ بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُ بِهِ التَّعْرِيفُ

(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَإِذَا صَحَّتْ الدَّعْوَى) أَيْ وَإِذَا صَحَّتْ الدَّعْوَى بِشُرُوطِهَا (سَأَلَ) أَيْ الْقَاضِي (الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الدَّعْوَى (لِيَنْكَشِفَ لَهُ وَجْهُ الْحُكْمِ) أَيْ لِيَنْكَشِفَ لِلْقَاضِي وَجْهُ الْحُكْمِ: أَيْ طَرِيقُهُ إنْ ثَبَتَ حَقُّ الْمُدَّعِي فَإِنَّ الْحُكْمَ مِنْهُ يَكُونُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: الْبَيِّنَةُ وَالْإِقْرَارُ وَالنُّكُولُ.

وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا طَرِيقٌ مَخْصُوصٌ مِنْ الْقَضَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ السُّؤَالِ لِيَنْكَشِفَ لَهُ طَرِيقُ حُكْمِهِ (فَإِنْ اعْتَرَفَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِهَا) أَيْ فَإِنْ اعْتَرَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالدَّعْوَى بِمَعْنَى الْمُدَّعَى

<<  <  ج: ص:  >  >>