للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِخَصْمِهِ أَعْطِهِ كَفِيلًا بِنَفْسِك ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) كَيْ لَا يَغِيبَ نَفْسُهُ فَيَضِيعَ حَقُّهُ وَالْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا وَقَدْ مَرَّ مِنْ قَبْلُ، وَأَخْذُ الْكَفِيلِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى اسْتِحْسَانٌ عِنْدَنَا لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا لِلْمُدَّعِي وَلَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ ضَرَرٍ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهَذَا لِأَنَّ الْحُضُورَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى حَتَّى يُعَدَّى عَلَيْهِ وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَشْغَالِهِ فَصَحَّ التَّكْفِيلُ بِإِحْضَارِهِ وَالتَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَلَا فَرْقَ فِي الظَّاهِرِ بَيْنَ الْخَامِلِ وَالْوَجِيهِ

لِخَصْمِهِ أَعْطِهِ كَفِيلًا بِنَفْسِك ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَيْ لَا يَغِيبَ نَفْسُهُ) أَيْ كَيْ لَا يَغِيبَ خَصْمُهُ نَفْسُهُ (فَيَضِيعَ حَقُّهُ) أَيْ حَقُّ الْمُدَّعِي، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْكَفِيلُ ثِقَةً مَعْرُوفَ الدَّارِ حَتَّى تَحْصُلَ فَائِدَةُ التَّكْفِيلِ وَهِيَ الِاسْتِيثَاقُ، كَذَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ (وَالْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَقَدْ مَرَّ مِنْ قَبْلُ) أَيْ وَقَدْ مَرَّ جَوَازُ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ مِنْ قَبْلُ: أَيْ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْكَفَالَةِ (وَأَخْذُ الْكَفِيلِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى اسْتِحْسَانٌ عِنْدَنَا.)

اعْلَمْ أَنَّ أَخْذَ الْكَفِيلِ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ. رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ وَالشَّعْبِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَهَذَا هُوَ الِاسْتِحْسَانُ أَخَذَ بِهِ عُلَمَاؤُنَا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ. وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ مُجَرَّدَ الدَّعْوَى لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلِاسْتِحْقَاقِ كَيْفَ وَقَدْ عَارَضَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِنْكَارِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعْطَاءُ الْكَفِيلِ.

وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ فِيهِ) أَيْ فِي أَخْذِ الْكَفِيلِ (نَظَرًا لِلْمُدَّعِي) إذْ لَا يَغِيبُ حِينَئِذٍ خَصْمُهُ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (وَلَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ ضَرَرٍ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْحُضُورَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى حَتَّى يُعَدَّى عَلَيْهِ) مِنْ الْإِعْدَاءِ عَلَى لَفْظِ الْمَجْهُولِ.

يُقَالُ اسْتَعْدَى فُلَانٌ الْأَمِيرَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ: أَيْ اسْتَعَانَ بِهِ فَأَعْدَاهُ الْأَمِيرُ عَلَيْهِ: أَيْ أَعَانَهُ الْأَمِيرُ عَلَيْهِ وَنَصَرَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وَنَسْتَعْدِي الْأَمِيرَ إذَا ظُلِمْنَا … وَمَنْ يُعْدِي إذَا ظَلَمَ الْأَمِيرُ

كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا (وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَشْغَالِهِ) مِنْ الْحَيْلُولَةِ عَلَى لَفْظِ الْمَجْهُولِ أَيْضًا (فَيَصِحُّ التَّكْفِيلُ بِإِحْضَارِهِ) بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى (وَالتَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازًا عَمَّا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ الْكَفِيلُ إلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي (وَلَا فَرْقَ فِي الظَّاهِرِ) أَيْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (بَيْنَ الْخَامِلِ وَالْوَجِيهِ) يُقَالُ خَمَلَ الرَّجُلُ خُمُولًا: إذَا كَانَ سَاقِطَ

<<  <  ج: ص:  >  >>