للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ عَنْ ذَلِكَ. .

قَالَ (وَلَا يَجِبُ تَغْلِيظُ الْيَمِينِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِزَمَانٍ وَلَا مَكَانٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْظِيمُ الْمُقْسَمِ بِهِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِدُونِ ذَلِكَ، وَفِي إيجَابِ ذَلِكَ حَرَجٌ عَلَى الْقَاضِي حَيْثُ يُكَلَّفُ حُضُورَهَا وَهُوَ مَدْفُوعٌ.

قَالَ (وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْتَاعَ مِنْ هَذَا عَبْدَهُ بِأَلْفٍ فَجَحَدَ اسْتَحْلَفَ بِاَللَّهِ مَا بَيْنَكُمَا بَيْعٌ قَائِمٌ فِيهِ وَلَا يَسْتَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا بِعْت) لِأَنَّهُ قَدْ يُبَاعُ الْعَيْنُ ثُمَّ يُقَالُ فِيهِ

(وَيَسْتَحْلِفُ فِي الْغَصْبِ بِاَللَّهِ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْك رَدَّهُ وَلَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا غَصَبْت) لِأَنَّهُ قَدْ يَغْصِبُ ثُمَّ يَفْسَخُ بِالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ (وَفِي النِّكَاحِ بِاَللَّهِ مَا بَيْنَكُمَا نِكَاحٌ قَائِمٌ فِي الْحَالِ)

بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ عَنْ ذَلِكَ) لِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمَ ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَالْحَلِفُ يَقَعُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا بِالْمَكَانِ، فَفِي أَيِّ مَكَان حَلَّفَهُ جَازَ.

وَفِي الْأَجْنَاسِ قَالَ فِي الْمَأْخُوذِ لِلْحَسَنِ: وَإِنْ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْقَاضِيَ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ إلَى بَيْعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ فَيُحَلِّفُهُ هُنَاكَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَفْعَلَهُ إذَا اتَّهَمَهُ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.

(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَلَا يَجِبُ تَغْلِيظُ الْيَمِينِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِزَمَانٍ وَلَا مَكَانٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْظِيمُ الْمُقْسَمِ بِهِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِدُونِ ذَلِكَ) أَيْ بِدُونِ تَعْيِينِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ (وَفِي إيجَابِ ذَلِكَ حَرَجٌ عَلَى الْقَاضِي حَيْثُ يُكَلِّفُ حُضُورَهَا) أَيْ حُضُورُ الْأَزْمَانِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْأَمَاكِنِ الْمَخْصُوصَةِ (وَهُوَ مَدْفُوعٌ) أَيْ الْحَرَجُ مَدْفُوعٌ بِالنَّصِّ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ فِي قَسَامَةٍ أَوْ فِي لِعَانٍ أَوْ فِي مَالٍ عَظِيمٍ فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِمَكَانٍ؛ إنْ كَانَ بِمَكَّةَ فَبَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، وَإِنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَعِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ ، وَفِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ، وَفِي سَائِرِ الْبِلَادِ فِي الْجَوَامِعِ، وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْمَبْسُوطِ وَشَرْحِ الْأَقْطَعِ

(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْتَاعَ مِنْ هَذَا عَبْدَهُ بِأَلْفٍ فَجَحَدَ اسْتَحْلَفَ بِاَللَّهِ مَا بَيْنَكُمَا بَيْعٌ قَائِمٌ فِيهِ وَلَا يَسْتَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا بِعْت) يَعْنِي يَسْتَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ دُونَ السَّبَبِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنْ كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ وَهُوَ الْيَمِينُ عَلَى الْحَاصِلِ أَوْ السَّبَبِ، وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ أَنَّ السَّبَبَ، إمَّا إنْ كَانَ مِمَّا يَرْتَفِعُ بِرَافِعٍ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَالتَّحْلِيفُ عَلَى السَّبَبِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُدَّعِي بِالتَّحْلِيفِ عَلَى الْحَاصِلِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَعَلَى السَّبَبِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إلَّا إذَا عَرَضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِرَفْعِ السَّبَبِ وَسَيَظْهَرُ الْكُلُّ مِنْ الْكِتَابِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ (لِأَنَّهُ قَدْ يُبَاعُ الْعَيْنُ ثُمَّ يُقَالُ فِيهِ) مِنْ الْإِقَالَةِ: أَيْ ثُمَّ تَطْرَأُ عَلَيْهِ الْإِقَالَةُ فَلَا يَبْقَى الْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ، فَلَوْ اسْتَحْلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْبَيْعُ هَاهُنَا لَتَضَرَّرَ بِهِ فَاسْتَحْلَفَ عَلَى الْحَاصِلِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ.

(وَيَسْتَحْلِفُ فِي الْغَصْبِ بِاَللَّهِ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ رَدَّهُ) أَيْ رَدُّ الْمُدَّعِي (وَلَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا غَصَبْت) هَذَا أَيْضًا مِنْ قَوْلِ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيلِهِ (لِأَنَّهُ قَدْ يُغْصَبُ) أَيْ قَدْ يُغْصَبُ الشَّيْءُ (ثُمَّ يُفْسَخُ) أَيْ يُفْسَخُ الْغَصْبُ (بِالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ) فَلَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْغَصْبُ هَاهُنَا لَتَضَرَّرَ بِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ (وَفِي النِّكَاحِ بِاَللَّهِ مَا بَيْنَكُمَا نِكَاحٌ قَائِمٌ فِي الْحَالِ) وَهَذَا أَيْضًا مِنْ قَوْلِ الْقُدُورِيِّ. وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَأَكْثَرُ الشُّرَّاحِ: هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا لِمَا أَنَّ الِاسْتِحْلَافَ فِي النِّكَاحِ قَوْلُهُمَا.

أَقُولُ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، لِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ فِي النِّكَاحِ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ يَجْرِي عَلَى قَوْلِهِمَا مَعًا إلَّا أَنَّ الِاسْتِحْلَافَ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الِاسْتِحْلَافُ عَلَى الْحَاصِلِ إنَّمَا يَجْرِي عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَقَطْ، إذْ الِاسْتِحْلَافُ فِيهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إنَّمَا هُوَ عَلَى السَّبَبِ كَمَا يُنَادِي عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَيَأْتِي، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَحْلِفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى السَّبَبِ. نَعَمْ سَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ أَيْضًا إلَّا إذَا عَرَضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>