لِأَنَّهُ قَدْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ الْخُلْعُ (وَفِي دَعْوَى الطَّلَاقِ بِاَللَّهِ مَا هِيَ بَائِنٌ مِنْك السَّاعَةَ بِمَا ذَكَرْت وَلَا يَسْتَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا طَلَّقَهَا) لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ يُجَدَّدُ بَعْدَ الْإِبَانَةِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ، لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى السَّبَبِ يَتَضَرَّرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ﵀ يَحْلِفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ
بِمَا ذَكَرْنَا فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ، لَكِنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الِاسْتِحْلَافِ عَلَى الْحَاصِلِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ عَرَضَ أَوْ لَمْ يَعْرِضْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَطْعًا بَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِ بِقَوْلِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إلَخْ إذْ لَا خِلَافَ فِي صُورَةِ التَّعْرِيضِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّعْلِيلِ (لِأَنَّهُ قَدْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ الْخُلْعُ) أَيْ يَطْرَأُ عَلَى النِّكَاحِ الْخُلْعُ، فَلَوْ حَلَفَ عَلَى السَّبَبِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ النِّكَاحِ هَاهُنَا لَتَضَرَّرَ بِهِ فَحَلَفَ عَلَى الْحَاصِلِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ (وَفِي دَعْوَى الطَّلَاقِ بِاَللَّهِ مَا هِيَ بَائِنٌ مِنْك السَّاعَةَ بِمَا ذَكَرْت وَلَا يَسْتَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا طَلَّقَهَا) وَهَذَا أَيْضًا مِنْ قَوْلِ الْقُدُورِيِّ، فَكَأَنَّهُ زَادَ ذِكْرَ دَعْوَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي هِيَ أُخْرَى الْمَسَائِلِ الْمُتَنَاسِبَةِ الْمَذْكُورَةِ هَاهُنَا إيمَاءً إلَى أَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ فِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ أَيْضًا، إلَّا أَنَّهَا تَرَكَتْ فِيهَا اعْتِمَادًا عَلَى انْفِهَامِهَا بِمَعُونَةِ الْمَقَامِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ يُجَدَّدُ بَعْدَ الْإِبَانَةِ) وَفَرَّعَ عَلَى جُمْلَةِ مَا ذَكَرَهُ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ قَوْلَهُ (فَيَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى السَّبَبِ لَتَضَرَّرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) عَلَى مَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ (وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ) أَيْ التَّحْلِيفُ عَلَى الْحَاصِلِ فِي الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلُهُمَا. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: هَاهُنَا كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي النِّكَاحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا يَكُونُ التَّحْلِيفُ فِيهِ عَلَى الْحَاصِلِ عِنْدَهُ كَمَا لَا يُخْفَى انْتَهَى. أَقُولُ: هَذَا ظَاهِرٌ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَيْضًا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هَذَا عَلَى التَّغْلِيبِ: أَيْ تَغْلِيبُ حُكْمِ سَائِرِ الْوُجُوهِ عَلَى حُكْمِ وَجْهِ النِّكَاحِ اعْتِمَادًا عَلَى ظُهُورِ عَدَمِ جَرَيَانِ الِاسْتِحْلَافِ فِي النِّكَاحِ مِمَّا مَرَّ.
ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الْفُضَلَاءِ قَصَدَ تَوْجِيهَ الْكَلَامِ وَدَفْعَ الِاعْتِرَاضِ عَنْ الْمَقَامِ حَيْثُ قَالَ: أَيْ التَّحْلِيفُ عَلَى الْحَاصِلِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ التَّحْلِيفَ عَلَى الْحَاصِلِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يَعْتَرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ عِنْدَهُ فِي النِّكَاحِ انْتَهَى. أَقُولُ: لَا يُخْفَى عَلَى ذِي فِطْرَةٍ سَلِيمَةٍ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَحْلِفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى السَّبَبِ يَأْبَى مَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ، إذْ قَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ هَاهُنَا بِلَفْظِ الْجَمْعِ تَعْيِينًا لِكَوْنِ الْخِلَافِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَصَاحِبَيْهِ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ لَا فِي كَيْفِيَّةِ التَّحْلِيفِ فِي الْجُمْلَةِ فَتَدَبَّرْ (أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَحْلِفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute