عَلَى السَّبَبِ إلَّا إذَا عَرَّضَ بِمَا ذَكَرْنَا فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ. وَقِيلَ: يَنْظُرُ إلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ أَنْكَرَ السَّبَبَ يَحْلِفُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْحُكْمَ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ. فَالْحَاصِلُ هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَهُمَا إذَا كَانَ سَبَبًا يَرْتَفِعُ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ تَرْكُ النَّظَرِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ بِالْإِجْمَاعِ، وَذَلِكَ أَنْ تَدَّعِيَ مَبْتُوتَةٌ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ وَالزَّوْجُ مِمَّنْ لَا يَرَاهَا، أَوْ ادَّعَى شُفْعَةً بِالْجِوَارِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَرَاهَا، لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى الْحَاصِلِ يَصْدُقُ فِي يَمِينِهِ فِي مُعْتَقَدِهِ فَيَفُوتُ النَّظَرُ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي، وَإِنْ كَانَ سَبَبًا لَا يَرْتَفِعُ بِرَافِعٍ فَالتَّحْلِيفُ عَلَى السَّبَبِ بِالْإِجْمَاعِ (كَالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ إذَا ادَّعَى الْعِتْقَ عَلَى مَوْلَاهُ،
مِنْ الْوُجُوهِ (عَلَى السَّبَبِ إلَّا إذَا عَرَّضَ بِمَا ذَكَرْنَا) أَيْ إلَّا إذَا عَرَّضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ ارْتِفَاعِ السَّبَبِ.
وَصِفَةُ التَّعْرِيضِ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْقَاضِي إذَا عَرَضَ الْقَاضِي الْيَمِينَ عَلَيْهِ بِاَللَّهِ مَا بِعْت أَيَّهَا الْقَاضِي أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَبِيعُ شَيْئًا ثُمَّ يُقِيلُ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا بَاقِي أَخَوَاتِ الْبَيْعِ فَتَدَبَّرْ (فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ) أَيْ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْقَاضِيَ الِاسْتِحْلَافُ عَلَى حُكْمِ الشَّيْءِ فِي الْحَالِ، وَصَارَ الْعُدُولُ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى مُقْتَضَى الدَّعْوَى حَقًّا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَ طَالَبَ بِهِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْأَقْطَعِ (وَقِيلَ يَنْظُرُ إلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ رُوِيَ عَنْهُ إنَّهُ يَنْظُرُ إلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (إنْ أَنْكَرَ السَّبَبَ يَحْلِفُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْحُكْمَ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ) وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: هَذَا أَحْسَنُ الْأَقَاوِيلِ عِنْدِي وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْقُضَاةِ.
وَفِي الْكَافِي: قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي (فَالْحَاصِلُ هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَهُمَا) أَيْ التَّحْلِيفُ عَلَى الْحَاصِلِ هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَهُمَا (إذَا كَانَ سَبَبًا) أَيْ إذَا كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ سَبَبًا (يَرْتَفِعُ بِرَافِعٍ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ) أَيْ فِي التَّحْلِيفِ عَلَى الْحَاصِلِ (تَرْكُ النَّظَرِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ بِالْإِجْمَاعِ، وَذَلِكَ) أَيْ مَا كَانَ فِي التَّحْلِيفِ عَلَى السَّبَبِ فِيهِ تَرْكُ النَّظَرِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي (مِثْلُ أَنْ تَدَّعِيَ مَبْتُوتَةٌ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ وَالزَّوْجُ مِمَّنْ لَا يَرَاهَا) أَيْ لَا يَرَى نَفَقَةَ الْعِدَّةِ لِلْمَبْتُوتَةِ (أَوْ ادَّعَى شُفْعَةً بِالْجِوَارِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَرَاهَا) بِأَنْ كَانَ شَافِعِيًّا (لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى الْحَاصِلِ يَصْدُقُ فِي يَمِينِهِ فِي مُعْتَقِدِهِ فَيَفُوتُ النَّظَرُ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي) فَإِنْ قِيلَ: فِي التَّحْلِيفِ عَلَى السَّبَبِ ضَرَرٌ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْضًا لِجَوَازِ أَنَّهُ اشْتَرَى وَلَا شُفْعَةَ لَهُ بِأَنْ سَلَّمَ أَوْ سَكَتَ عَنْ الطَّلَبِ. قُلْنَا: الْقَاضِي لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِأَحَدِهِمَا، فَكَانَ مُرَاعَاةُ جَانِبِ الْمُدَّعِي أَوْلَى لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِلْحَقِّ وَهُوَ الشِّرَاءُ إذَا ثَبَتَ يَثْبُتُ الْحَقُّ لَهُ، وَسُقُوطُهُ إنَّمَا يَكُونُ بِأَسْبَابٍ عَارِضَةٍ فَيَجِبُ التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلِ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى الْعَارِضِ، كَذَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ (وَإِنْ كَانَ سَبَبًا) أَيْ إنْ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ سَبَبًا (لَا يَرْتَفِعُ بِرَافِعٍ فَالتَّحْلِيفُ عَلَى السَّبَبِ بِالْإِجْمَاعِ كَالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ إذَا ادَّعَى الْعِتْقَ عَلَى مَوْلَاهُ) وَجَحَدَ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا أَعْتَقَهُ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى التَّحْلِيفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute