قَالَ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ أَوْ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ فِي اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الثَّمَنِ فَلَا تَحَالُفَ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالْمَعْقُودِ بِهِ،
فَقَطْ حَيْثُ قَالَ: وَجُعِلَ بَاذِلًا، وَالنُّكُولُ عِنْدَهُمَا إقْرَارٌ لَا بَذْلٌ كَمَا مَرَّ، فَلَا يَتَمَشَّى مَا ذَكَرَهُ عَلَى أَصْلِهِمَا مَعَ أَنَّ مَسْأَلَتَنَا هَذِهِ اتِّفَاقِيَّةٌ بَيْنَ أَئِمَّتِنَا، فَكَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّهُ صَارَ مُقِرًّا بِمَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ أَوْ بَاذِلًا كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي وَالْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ الزَّيْلَعِيَّ زَادَ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَقَامِ مِنْ الْكَنْزِ قَيْدًا آخَرَ حَيْثُ قَالَ فَلَزِمَهُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَضَاءُ. وَقَالَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَزِمَهُ دَعْوَى الْآخَرِ، لِأَنَّهُ بِدُونِ اتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهِ لَا يُوجِبُ شَيْئًا، أَمَّا عَلَى اعْتِبَارِ الْبَذْلِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّهُ إقْرَارٌ فَلِأَنَّهُ إقْرَارٌ فِيهِ شُبْهَةُ الْبَذْلِ فَلَا يَكُونُ مُوجِبًا بِانْفِرَادِهِ انْتَهَى.
(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ) أَيْ فِي أَصْلِهِ أَوْ قَدْرِهِ، كَذَا فِي الشُّرُوحِ (أَوْ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ) أَيْ فِي أَصْلِهِ أَوْ قَدْرِهِ أَيْضًا. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ (أَوْ فِي اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الثَّمَنِ) وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي اسْتِيفَاءِ كُلِّ الثَّمَنِ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوغٌ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الدَّعَاوَى، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ (فَلَا تَحَالُفَ بَيْنَهُمَا) عِنْدَنَا، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ: يَتَحَالَفَانِ.
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْبَيْعِ لَمْ يَتَحَالَفَا بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. ثُمَّ إنَّ الْقَوْلَ فِي مَسَائِلِ الْكِتَابِ لِمُنْكِرِ الْأَجَلِ وَلِمُنْكِرِ شَرْطِ الْخِيَارِ وَلِمُنْكِرِ الِاسْتِيفَاءِ، وَفِي مَسْأَلَةِ الِاخْتِلَافِ فِي أَصْلِ الْمَبِيعِ لِمُنْكِرِ الْعَقْدِ ذَكَرَ كُلَّهَا هَاهُنَا فِي الْكَافِي وَسَيَجِيءُ بَعْضُهَا فِي الْكِتَابِ. قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ فِي أَصْلِهِ أَوْ فِي قَدْرِهِ أَوْ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ فِي اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الثَّمَنِ فَلَا تَحَالُفَ بَيْنَهُمَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ انْتَهَى. وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَذَا لَيْسَ بِسَدِيدٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مُنْكِرًا كَمَا إذَا كَانَ مُدَّعِي الْخِيَارِ هُوَ الْبَائِعُ انْتَهَى. أَقُولُ: هَذَا ظَاهِرٌ، وَلَكِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ سَلَكَ هَاهُنَا مَسْلَكَ التَّغْلِيبِ اعْتِمَادًا عَلَى ظُهُورِ هَذِهِ الصُّورَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيلِ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ (لِأَنَّ هَذَا) أَيْ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَجَلِ أَوْ شَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الثَّمَنِ (اخْتِلَافٌ فِي غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) وَهُوَ الْمَبِيعُ (وَالْمَعْقُودُ بِهِ) وَهُوَ الثَّمَنُ وَالِاخْتِلَافُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute