فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَتَحَالَفَانِ عَلَيْهِمَا وَيَرُدُّ الْحَيَّ وَقِيمَةَ الْهَالِكِ) لِأَنَّ هَلَاكَ كُلِّ السِّلْعَةِ لَا يَمْنَعُ التَّحَالُفَ عِنْدَهُ فَهَلَاكُ الْبَعْضِ أَوْلَى. وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ امْتِنَاعَ التَّحَالُفِ لِلْهَلَاكِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ التَّحَالُفَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِي حَالِ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَهِيَ اسْمٌ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا فَلَا تَبْقَى السِّلْعَةُ بِفَوَاتِ بَعْضِهَا، وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَالُفُ فِي الْقَائِمِ إلَّا عَلَى اعْتِبَارِ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقِسْمَةِ وَهِيَ تُعْرَفُ بِالْحَذَرِ وَالظَّنِّ فَيُؤَدِّي إلَى التَّحَالُفِ مَعَ الْجَهْلِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ
فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ) هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ.
أَقُولُ: فِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ هَاهُنَا قُصُورٌ، لِأَنَّ قَوْلَ الْمُشْتَرِي إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي حِصَّةِ الْهَالِكِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي كَمَا سَيَجِيءُ تَفْصِيلُهُ، لَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِيهَا لِلْبَائِعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا سَيَأْتِي حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ يَوْمَ الْقَبْضِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ انْتَهَى. وَعَنْ هَذَا قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَتَحَالَفَانِ فِي الْحَيِّ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي الْحَيِّ وَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فِي حِصَّةِ الْهَالِكِ مِنْ الثَّمَنِ مَعَ يَمِينِهِ انْتَهَى (وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَتَحَالَفَانِ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْحَيِّ وَالْهَالِكِ (وَيَرُدُّ لُحَيُّ وَقِيمَةُ الْهَالِكِ، لِأَنَّ هَلَاكَ كُلِّ السِّلْعَةِ لَا يَمْنَعُ التَّحَالُفَ عِنْدَهُ فَهَلَاكُ الْبَعْضِ أَوْلَى) قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَالْجَوَابُ أَنَّ هَلَاكَ الْبَعْضِ مُحْوِجٌ إلَى مَعْرِفَةِ الْقِيمَةِ بِالْحَزْرِ وَذَلِكَ مُجْهَلٌ فِي الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ انْتَهَى.
وَرَدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَيْسَ الْقِيمَةَ حَتَّى يَلْزَمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ (وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ امْتِنَاعَ التَّحَالُفِ لِلْهَلَاكِ) أَيْ لِأَجْلِ الْهَالِكِ (فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ) أَيْ يَتَقَدَّرُ امْتِنَاعُ التَّحَالُفِ بِقَدْرِ الْهَالِكِ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَزِيدُ عَلَى الْعِلَّةِ (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ التَّحَالُفَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِي حَالِ قِيَامِ السِّلْعَةِ) يَعْنِي أَنَّ التَّحَالُفَ بَعْدَ الْقَبْضِ ثَبَتَ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِي حَالِ قِيَامِ السِّلْعَةِ (وَهِيَ) أَيْ السِّلْعَةُ (اسْمٌ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا فَلَا تَبْقَى السِّلْعَةُ بِفَوَاتِ بَعْضِهَا) لِانْعِدَامِ الْكُلِّ بِانْعِدَامِ جُزْئِهِ، وَمَا يَثْبُتُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لَا يَتَعَدَّى إلَى الْغَيْرِ، فَحَصَلَ مِنْ هَذَا الدَّلِيلِ نَفْيُ الْقِيَاسِ.
وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ ﵀ كَمَا لَا يَخْفَى (وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَالُفُ فِي الْقَائِمِ إلَّا عَلَى اعْتِبَارِ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقِسْمَةِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَهِيَ) أَيْ الْقِسْمَةُ (تُعْرَفُ بِالْحِرْزِ وَالظَّنِّ فَيُؤَدِّي إلَى التَّحَالُفِ مَعَ الْجَهْلِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ) فَلَا يُلْحَقُ بِالتَّحَالُفِ حَالَ قِيَامِ السِّلْعَةِ بِتَمَامِهَا، فَحَصَلَ مِنْ هَذَا الدَّلِيلِ نَفْيُ الدَّلَالَةِ. وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ كَمَا تَرَى. فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ فِيمَا إذَا أَقَامَ الْقَصَّارُ بَعْضَ الْعَمَلِ فِي الثَّوْبِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ، فَفِي حِصَّةِ مَا أَقَامَ الْعَمَلَ الْقَوْلُ لِرَبِّ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ، وَفِي حِصَّةِ مَا بَقِيَ يَتَحَالَفَانِ بِالْإِجْمَاعِ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ وَاسْتِيفَاءُ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ بِمَنْزِلَةِ هَلَاكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ، وَفِيهِ التَّحَالُفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا دُونَ هَلَاكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ.
قُلْت: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ إنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ فِي الْعَبْدَيْنِ عَقْدٌ وَاحِدٌ، فَإِذَا تَعَذَّرَ فَسْخُهُ فِي الْبَعْضِ فِي الْهَلَاكِ تَعَذَّرَ فِي الْبَاقِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute