وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ. وَإِنْ أَقَامَاهَا فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى)
وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي بُيُوعِ الْأَصْلِ (اشْتَرَى عَبْدَيْنِ وَقَبَضَهُمَا ثُمَّ رَدَّ أَحَدَهُمَا بِالْعَيْبِ وَهَلَكَ الْآخَرُ عِنْدَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ثَمَنُ مَا هَلَكَ عِنْدَهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ ثَمَنُ مَا رَدَّهُ وَيَنْقَسِمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِمَا. فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ) لِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ وَجَبَ بِاتِّفَاقِهِمَا ثُمَّ الْمُشْتَرِي يَدَّعِي زِيَادَةَ السُّقُوطِ بِنُقْصَانِ قِيمَةِ الْهَالِكِ وَالْبَائِعُ يُنْكِرُهُ وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ (وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى) لِأَنَّهَا أَكْثَرُ إثْبَاتًا ظَاهِرًا لِإِثْبَاتِهَا الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ وَهَذَا لِفِقْهٍ. وَهُوَ أَنَّ فِي الْأَيْمَانِ تُعْتَبَرُ الْحَقِيقَةُ لِأَنَّهَا تَتَوَجَّهُ عَلَى أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَهُمَا يَعْرِفَانِ حَقِيقَةَ الْحَالِ فَبُنِيَ الْأَمْرُ عَلَيْهَا وَالْبَائِعُ مُنْكِرٌ حَقِيقَةً فَلِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ،
فَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّازِمَ حِينَئِذٍ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ بَعْدَ تَمَامِهَا إذْ هِيَ تَتِمُّ بِالْقَبْضِ وَهُوَ جَائِزٌ؛ أَلَا يَرَى إلَى مَا مَرَّ فِي بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ مِنْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَقَبَضَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا فَإِنَّهُ يَفْسَخُ الْعَقْدَ فِي الْعُيُوبِ خَاصَّةً عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ بَعْدَ تَمَامِهَا بِالْقَبْضِ جَائِزٌ، وَالْمَسْأَلَةُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا هَلَكَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ بَعْدَ قَبْضِهِمَا كَمَا تَبَيَّنَ فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ فَلَا يَتِمُّ التَّقْرِيبُ (وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ) لِأَنَّهُ نَوَّرَ دَعْوَاهُ بِالْحُجَّةِ (وَإِنْ أَقَامَاهَا فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى) لِأَنَّهَا أَكْثَرُ إثْبَاتًا لِإِثْبَاتِهَا الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ.
فَإِنْ قِيلَ: الْمُشْتَرِي يَدَّعِي زِيَادَةً فِي قِيمَةِ الْقَائِمِ فَوَجَبَ أَنْ تُقْبَلَ بَيِّنَتُهُ لِإِثْبَاتِهَا الزِّيَادَةَ. قُلْنَا: إنَّ الَّذِي وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ مَقْصُودًا قِيمَةُ الْهَالِكِ، وَالِاخْتِلَافُ فِي قِيمَةِ الْقَائِمِ يَثْبُتُ ضِمْنًا لِلِاخْتِلَافِ فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ، وَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ قَامَتْ عَلَى مَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ مَقْصُودًا فَكَانَتْ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ الْمَرْغِينَانِيِّ وَقَاضِي خَانْ (وَهُوَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَتَفْرِيعَاتِهِ (قِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي بُيُوعِ الْأَصْلِ) أَيْ الْمَبْسُوطُ (اشْتَرَى عَبْدَيْنِ وَقَبَضَهُمَا ثُمَّ رَدَّ أَحَدَهُمَا بِالْعَيْبِ وَهَلَكَ الْآخَرُ عِنْدَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ثَمَنُ مَا هَلَكَ عِنْدَهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ ثَمَنُ مَا رَدَّهُ وَيَنْقَسِمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِمَا) أَيْ يَوْمَ الْقَبْضِ.
كَذَا فِي النِّهَايَةِ (فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْأَصْلِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، لِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ وَجَبَ بِاتِّفَاقِهِمَا ثُمَّ الْمُشْتَرِي يَدَّعِي زِيَادَةَ السُّقُوطِ بِنُقْصَانِ قِيمَةِ الْهَالِكِ وَالْبَائِعُ يُنْكِرُهُ وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْأَصْلِ (فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى) لِأَنَّهَا أَكْثَرُ إثْبَاتًا ظَاهِرًا لِإِثْبَاتِهَا الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ، وَالْبَيِّنَاتُ شُرِعَتْ لِلْإِثْبَاتِ فَمَا كَانَ أَكْثَرَ إثْبَاتًا كَانَ أَوْلَى، قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهَذَا لِفِقْهٍ) أَيْ اعْتِبَارُ بَيِّنَةِ الْبَائِعِ وَيَمِينِهِ لِمَعْنًى فِقْهِيٍّ (وَهُوَ أَنَّ فِي الْأَيْمَانِ تُعْتَبَرُ الْحَقِيقَةُ) أَيْ حَقِيقَةُ الْحَالِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقَسَمِ بِجَهَالَةٍ، وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّهَا) أَيْ الْأَيْمَانَ (تَتَوَجَّهُ عَلَى أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ) أَيْ لَا عَلَى الْوَكِيلِ وَالنَّائِبِ (وَهُمَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَانِ (يَعْرِفَانِ حَقِيقَةَ الْحَالِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ فِعْلُ أَنْفُسِهِمَا وَالْإِنْسَانُ أَعْرَفُ بِحَالِ نَفْسِهِ (فَيَبْنِي الْأَمْرَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْحَقِيقَةِ (وَالْبَائِعُ مُنْكِرٌ حَقِيقَةً فَلِذَا كَانَ قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ يُنْكِرُ سُقُوطَ الزِّيَادَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute