وَفِي الْبَيِّنَاتِ يُعْتَبَرُ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ لَا يَعْلَمَانِ حَقِيقَةَ الْحَالِ فَاعْتُبِرَ الظَّاهِرُ فِي حَقِّهِمَا وَالْبَائِعُ مُدَّعٍ ظَاهِرًا فَلِهَذَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا وَتَتَرَجَّحُ بِالزِّيَادَةِ الظَّاهِرَةِ عَلَى مَا مَرَّ، وَهَذَا يُبَيِّنُ لَك مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ. .
قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَعُودُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ) وَنَحْنُ مَا أَثْبَتْنَا التَّحَالُفَ فِيهِ بِالنَّصِّ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ وَالْإِقَالَةُ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ،
وَفِي الْبَيِّنَاتِ يُعْتَبَرُ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ لَا يَعْلَمَانِ حَقِيقَةَ الْحَالِ) لِأَنَّهُمَا يُخْبِرَانِ عَنْ فِعْلِ الْغَيْرِ لَا عَنْ فِعْلِ أَنْفُسِهِمَا، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَالُ فِي الْوَاقِعِ عَلَى خِلَافِ مَا ظَهَرَ عِنْدَهُمَا بِهَزْلٍ أَوْ تَلْجِئَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (فَاعْتُبِرَ الظَّاهِرُ فِي حَقِّهِمَا وَالْبَائِعُ مُدَّعٍ ظَاهِرًا فَلِهَذَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا اُعْتُبِرَ يَمِينُهُ (وَتَتَرَجَّحُ) أَيْ تَتَرَجَّحُ بَيِّنَتُهُ عَلَى بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي (بِالزِّيَادَةِ الظَّاهِرَةِ عَلَى مَا مَرَّ) هُوَ قَوْلُهُ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ إثْبَاتًا ظَاهِرًا (وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ فِي بُيُوعِ الْأَصْلِ (يُبَيِّنُ لَك مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ) ﵀ فِي التَّحَالُفِ وَتَفْرِيعَاتِهِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي بُيُوعِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
(قَالَ) أَيْ مُحَمَّدٌ فِي بُيُوعِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا) أَيْ وَنَقَدَ ثَمَنَهَا، كَذَا فِي الشُّرُوحِ وَفِي أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (ثُمَّ تَقَايَلَا) وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ، كَذَا فِي الشُّرُوحِ، وَسَيُشِيرُ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ قَبْلَ الْقَبْضِ (ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ) فَقَالَ الْمُشْتَرِي: كَانَ الثَّمَنُ أَلْفًا فَعَلَيْك أَنْ تَرُدَّ الْأَلْفَ وَقَالَ الْبَائِعُ: كَانَ خَمْسَمِائَةٍ فَعَلَيَّ رَدُّ الْخَمْسِمِائَةِ (فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَعُودُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ) حَتَّى يَكُونَ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ وَحَقُّ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْإِقَالَةِ؛ مَعْنَاهُ: يَعُودُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ إذَا فَسَخَ الْقَاضِي أَوْ فَسَخَا بِأَنْفُسِهِمَا الْإِقَالَةَ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ كَالْبَيْعِ لَا تَنْفَسِخُ إلَّا بِالْفَسْخِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ صَدْرِ الْإِسْلَامِ.
وَلَمَّا اسْتَشْعَرَ أَنْ يُقَالَ النَّصُّ الْوَارِدُ فِي حَقِّ التَّحَالُفِ وَهُوَ قَوْلُهُ ﵊ «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» لَمْ يَتَنَاوَلْ الْإِقَالَةَ، فَمَا وَجْهُ جَرَيَانِ التَّحَالُفِ فِيهَا؟ أَجَابَ بِقَوْلِهِ (وَنَحْنُ مَا أَثْبَتْنَا التَّحَالُفَ فِيهِ) أَيْ فِي التَّقَايُلِ (بِالنَّصِّ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ) أَيْ فِي الْبَيْعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (وَالْإِقَالَةُ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) وَإِنْ كَانَ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا.
فَإِنْ قُلْت: قَوْلُهُ وَالْإِقَالَةُ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، فَإِنَّ الْإِقَالَةَ عِنْدَهُ بَيْعٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَيْضًا، وَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا فَمَا وَجْهُ بِنَاءِ الْوِفَاقِيَّةِ عَلَى الْخِلَافِيَّةِ؟ قُلْت: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، وَذَلِكَ السُّؤَالُ إنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute