للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنَّمَا أَثْبَتْنَاهُ بِالْقِيَاسِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْقِيَاسُ يُوَافِقُهُ عَلَى مَا مَرَّ وَلِهَذَا نَقِيسُ الْإِجَارَةَ عَلَى الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْوَارِثَ عَلَى الْعَاقِدِ وَالْقِيمَةَ عَلَى الْعَيْنِ فِيمَا إذَا اسْتَهْلَكَهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ غَيْرُ الْمُشْتَرِي.

قَالَ (وَلَوْ قَبَضَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَلَا تَحَالُفَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) لِأَنَّهُ يَرَى النَّصَّ مَعْلُولًا بَعْدَ الْقَبْضِ أَيْضًا.

يَكَادُ يَتَوَجَّهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ كَمَا لَا يَخْفَى، فَبَنَى الْجَوَابَ أَيْضًا عَلَى أَصْلِهِمَا دُونَ أَصْلِهِ فَتَدَبَّرْ (وَإِنَّمَا أَثْبَتْنَاهُ بِالْقِيَاسِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ الْبَائِعِ الْجَارِيَةَ بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ (وَالْقِيَاسُ يُوَافِقُهُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْبَابِ (وَلِهَذَا نَقِيسُ الْإِجَارَةَ عَلَى الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ) تَوْضِيحٌ لِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا أَثْبَتْنَاهُ بِالْقِيَاسِ: يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْأُجْرَةِ يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا (وَالْوَارِثُ عَلَى الْعَاقِدِ) أَيْ وَنَقِيسُ الْوَارِثَ عَلَى الْعَاقِدِ: يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَ وَارِثُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا (وَالْقِيمَةُ عَلَى الْعَيْنِ) أَيْ نَقِيسُ الْقِيمَةَ عَلَى الْعَيْنِ (فِيمَا إذَا اسْتَهْلَكَهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ غَيْرُ الْمُشْتَرِي) يَعْنِي إذَا اسْتَهْلَكَ غَيْرُ الْمُشْتَرِي الْعَيْنَ الْمَبِيعَةَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَضَمِنَ الْقِيمَةَ قَامَتْ الْقِيمَةُ مَقَامَ الْعَيْنِ الْمُسْتَهْلَكَةِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَاقِدَانِ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا بِالْقِيَاسِ عَلَى جَرَيَانِ التَّحَالُفِ عِنْدَ بَقَاءِ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَاةِ لِكَوْنِ النَّصِّ إذْ ذَاكَ مَعْقُولَ الْمَعْنَى.

وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَهَذِهِ هِيَ النُّسْخَةُ الْمُقَابَلَةُ بِنُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فِيمَا إذَا اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي، وَفِي بَعْضِهَا فِيمَا إذَا اُسْتُهْلِكَ الْمَبِيعُ. قَالَ الْإِمَامُ حَافِظُ الدِّينِ الْكَبِيرُ الْبُخَارِيُّ عَلَى حَاشِيَةِ كِتَابِهِ الصَّحِيحِ: اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي الْمُشْتَرَى انْتَهَى. وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: الصَّوَابُ إذَا اسْتَهْلَكَهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ غَيْرُ الْمُشْتَرِي، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ عَلَى حَاشِيَةِ نُسْخَةٍ قُوبِلَتْ بِنُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ الصَّوَابُ اُسْتُهْلِكَ الْمُشْتَرَى بِضَمِّ التَّاءِ عَلَى صِيغَةِ بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالْمُشْتَرَى عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ انْتَهَى

(وَلَوْ قَبَضَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَلَا تَخَالُفَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ يَرَى النَّصَّ مَعْلُولًا بَعْدَ الْقَبْضِ أَيْضًا) يَعْنِي أَنَّ مُحَمَّدًا يَرَى النَّصَّ وَهُوَ قَوْلُهُ «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» مَعْلُولًا بِوُجُودِ الْإِنْكَارِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ لِمَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ مِنْ الْعَقْدِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَفَاوَتُ بَيْنَ كَوْنِ الْمَبِيعِ مَقْبُوضًا أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فَإِنْ قِيلَ: الْإِقَالَةُ بَيْعٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيَكُونُ مُتَنَاوَلَ النَّصِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ التَّحَالُفُ عِنْدَهُ بَعْدَ قَبْضِ الْبَائِعِ أَيْضًا، قُلْنَا: لَمَّا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ بَيْعًا لَا يَتَنَاوَلُهُ النَّصُّ الْوَارِدُ فِي الْبَيْعِ الْمُطَلَّقِ لِلشُّبْهَةِ انْتَهَى. أَقُولُ: جَوَابُهُ سَاقِطٌ جِدًّا، لِأَنَّ التَّحَالُفَ لَيْسَ مِمَّا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَلَوْ كَانَ مُجَرَّدُ وُقُوعِ الْخِلَافِ فِي كَوْنِ الْإِقَالَةِ بَيْعًا مَانِعًا عِنْدَهُ مِنْ أَنْ يَتَنَاوَلَهَا النَّصُّ الْوَارِدُ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ فِي حَقِّ حُكْمِ التَّحَالُفِ فَكَانَ ذَلِكَ مَانِعًا عِنْدَهُ عَنْ أَنْ يَتَنَاوَلَهَا النُّصُوصُ الْوَارِدَةُ فِي حَقِّ سَائِرِ أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ أَيْضًا مَعَ أَنَّ أَحْكَامَ الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ جَارِيَةً بِأَسْرِهَا فِي الْإِقَالَةِ عِنْدَهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي بَابِهَا. ثُمَّ أَقُولُ فِي دَفْعِ سُؤَالِهِ: إنَّ أَصْلَ أَبِي يُوسُفَ الْإِقَالَةُ هُوَ أَنَّهَا بَيْعٌ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهَا بَيْعًا كَالْإِقَالَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>