قَالَ (وَمَنْ أَسْلَمَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَلَا يَعُودُ السَّلَمُ) لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِي بَابِ السَّلَمِ لَا تَحْتَمِلُ النَّقْضَ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ فَلَا يَعُودُ السَّلَمُ، بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ لَوْ كَانَ عَرَضًا فَرَدَّهُ بِالْعَيْبِ وَهَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ لَا يَعُودُ السَّلَمُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَيْعِ الْعَيْنِ يَعُودُ الْبَيْعُ دَلَّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.
قَالَ (وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْمَهْرِ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ وَقَالَتْ تَزَوَّجَنِي بِأَلْفَيْنِ فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ) لِأَنَّهُ نَوَّرَ دَعْوَاهُ بِالْحُجَّةِ.
فِي الْمَنْقُولِ فَتُجْعَلُ فَسْخًا كَمَا بَيَّنُوا فِي بَابِ الْإِقَالَةِ، وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَمَّا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ وَلَمْ يَثْبُتْ قَوْلُ أَحَدِهِمَا صَارَ الثَّمَنُ مَجْهُولًا فَلَمْ يُمْكِنْ جَعْلُهُ بَيْعًا لِعَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ الْمَجْهُولِ كَعَدَمِ جَوَازِ.
بَيْعِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ النَّصُّ الْوَارِدُ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ فَلَمْ يَجْرِ التَّحَالُفُ فِيهِ عِنْدَهُ أَيْضًا لَا بِالنَّصِّ وَلَا بِالْقِيَاسِ
(قَالَ) أَيْ مُحَمَّدٌ فِي بُيُوعِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (وَمَنْ أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ) أَيْ فِي رَأْسِ الْمَالِ فَقَالَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ: كَانَ رَأْسُ الْمَالِ خَمْسَةً وَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ: كَانَ عَشْرَةً (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ) أَيْ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّ رَبَّ السَّلَمِ يَدَّعِي عَلَيْهِ زِيَادَةً وَهُوَ يُنْكِرُ (وَلَا يَعُودُ السَّلَمُ) أَيْ لَا يَتَحَالَفَانِ وَلَا يَعُودُ السَّلَمُ (لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِي بَابِ السَّلَمِ لَا تَحْتَمِلُ النَّقْضَ) أَيْ الْفَسْخَ: يَعْنِي أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّحَالُفِ الْفَسْخُ. وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ النَّبَوِيَّةُ بِقَوْلِهِ ﵊ «تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» وَالْإِقَالَةُ فِي بَابِ السَّلَمِ لَا تَحْتَمِلُهُ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْإِقَالَةَ فِي بَابِ السَّلَمِ ذَكَرَ الضَّمِيرَ بِتَأْوِيلِ التَّقَايُلِ (إسْقَاطٌ) لِلْمُسَلَّمِ فِيهِ وَهُوَ دَيْنٌ وَالدَّيْنُ السَّاقِطُ لَا يَعُودُ (فَلَا يَعُودُ السَّلَمُ، بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ) فَإِنَّهَا تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَيَعُودُ الْمَبِيعُ إلَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ عَوْدِهِ إلَى الْبَائِعِ لِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا قَائِمًا، (وَنَوَّرَ هَذَا بِقَوْلِهِ: أَلَا تَرَى أَنَّ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ لَوْ كَانَ عَرَضًا فَرَدَّهُ بِالْعَيْبِ) أَيْ فَقَضَى الْقَاضِي بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ (وَهَلَكَ) أَيْ فِي يَدِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ (قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ لَا يَعُودُ السَّلَمُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَيْعِ الْعَيْنِ يَعُودُ الْبَيْعُ، دَلَّ) أَيْ دَلَّ هَذَا الَّذِي ذُكِرَ (عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ السَّلَمِ وَالْبَيْعِ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا الْفَرْقُ لِمُحَمَّدٍ بَيْنَ إقَالَةِ السَّلَمِ وَبَيْنَ مَا إذَا هَلَكَتْ السِّلْعَةُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ فِيمَا إذَا هَلَكَتْ السِّلْعَةُ، وَلَا يَتَحَالَفَانِ فِي إقَالَةِ السَّلَمِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ فَاتَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا؟ قُلْنَا: الْإِقَالَةُ فِي السَّلَمِ قِيلَ: قَبْضُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فُسِخَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَالتَّحَالُفُ بَعْدَ هَلَاكِ السِّلْعَةِ يَجْرِي فِي الْبَيْعِ لَا فِي الْفَسْخِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ.
(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْمَهْرِ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ وَقَالَتْ: تَزَوَّجَنِي بِأَلْفَيْنِ فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيلِهِ: (لِأَنَّهُ نَوَّرَ دَعْوَاهُ بِالْحُجَّةِ) قَالَ الشُّرَّاحُ: أَمَّا قَبُولُ بَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ فَظَاهِرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute