للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ) لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ، مَعْنَاهُ إذَا كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِمَّا ادَّعَتْهُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ) لِأَنَّ أَثَرَ التَّحَالُفِ فِي انْعِدَامِ التَّسْمِيَةِ، وَأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْمَهْرَ تَابِعٌ فِيهِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ عَدَمَ التَّسْمِيَةِ يُفْسِدُهُ عَلَى مَا مَرَّ فَيُفْسَخُ،

لِأَنَّهَا تَدَّعِي الزِّيَادَةَ، وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ فِي قَبُولِهِ بَيِّنَةَ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ مُنْكِرُ الزِّيَادَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لَا الْبَيِّنَةُ، وَإِنَّمَا قَبِلَتْ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فِي الصُّورَةِ وَهِيَ كَافِيَةٌ لِقَبُولِهَا انْتَهَى (فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ) هَذَا مِنْ تَمَامِ كَلَامِ الْقُدُورِيِّ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيلِهِ (لِأَنَّهَا) أَيْ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْمَرْأَةِ (تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ) وَقَالَ فِي تَوْجِيهِهِ (مَعْنَاهُ إذَا كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا) أَيْ مَهْرُ مِثْلِ الْمَرْأَةِ (أَقَلَّ مِمَّا ادَّعَتْهُ) وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فِي تَفْصِيلِ الْمَسْأَلَةِ: وَإِنْ أَقَامَا فَلَا يَخْلُوا إمَّا أَنْ يَكُونَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِمَّا ادَّعَتْهُ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَالْبَيِّنَةُ لِلْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَالْبَيِّنَةُ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْحَطَّ وَبَيِّنَتُهَا لَا تُثْبِتُ شَيْئًا لِثُبُوتِ مَا ادَّعَتْهُ بِشَهَادَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ انْتَهَى.

أَقُولُ: فِي تَحْرِيرِهِ خَلَلٌ، حَيْثُ حَكَمَ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِكَوْنِ الْبَيِّنَةِ لِلْمَرْأَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْأَوَّلُ أَيْضًا لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ مَهْرُ الْمِثْلِ مِثْلَ مَا اعْتَرَفَ بِهِ الزَّوْجُ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ. وَمِنْ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِمَّا اعْتَرَفَ بِهِ الزَّوْجُ وَأَقَلَّ مِمَّا ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَالْبَيِّنَةُ لِلْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ. وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَتَتَعَارَضُ بَيِّنَتَاهُمَا حَيْثُ تُثْبِتُ بَيِّنَتُهَا الزِّيَادَةَ وَتُثْبِتُ بَيِّنَتُهُ الْحَطَّ فَيَتَهَاتَرَانِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا التَّفْصِيلِ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ حَتَّى الْمُتُونِ فِي بَابِ الْمَهْرِ، بَلْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ أَيْضًا فِي ذَلِكَ الْبَابِ مِنْ شَرْحِ هَذَا الْكِتَابِ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: مَعْنَاهُ إذَا كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِمَّا ادَّعَتْهُ فَلَيْسَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ مِنْ الْخَلَلِ، إذْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِهِ مُجَرَّدَ الِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَتْهُ لَا التَّعْمِيمَ لِقَسَمِي كَوْنِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِمَّا ادَّعَتْهُ، بِخِلَافِ تَحْرِيرِ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ فَإِنَّ عِبَارَةَ لَا يَخْلُو فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَقَامَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِمَّا ادَّعَتْهُ أَوْ لَا تَقْتَضِي شُمُولَ الْأَقْسَامِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذَوِي الْأَفْهَامِ. وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ فِي هَذَا الْمَقَامِ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ صَاحِبِ الْكَنْزِ: وَإِنْ بَرْهَنَّا فَلِلْمَرْأَةِ، هَذَا إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ يَشْهَدُ لِلزَّوْجِ بِأَنْ كَانَ مِثْلَ مَا يَدَّعِي الزَّوْجُ أَوْ أَقَلَّ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لِلزَّوْجِ وَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ تُثْبِتُ خِلَافَ الظَّاهِرِ فَكَانَتْ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ يَشْهَدُ لَهَا بِأَنْ كَانَ مِثْلَ مَا تَدَّعِيهِ الْمَرْأَةُ أَوْ أَكْثَرَ كَانَتْ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ أَوْلَى لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْحَطَّ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَالْبَيِّنَاتُ لِلْإِثْبَاتِ، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يَشْهَدُ لَهَا وَلَا لَهُ بِأَنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ وَأَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا يَتَهَاتَرَانِ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْإِثْبَاتِ، لِأَنَّ بَيِّنَتَهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ وَبَيِّنَتَهُ تُثْبِتُ الْحَطَّ فَلَا تَكُونُ إحْدَاهُمَا أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى انْتَهَى.

(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ) أَيْ عَجَزَا مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (تَحَالَفَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ لِأَنَّ أَثَرَ التَّحَالُفِ فِي انْعِدَامِ التَّسْمِيَةِ، وَإِنَّهُ لَا يُخِلُّ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْمَهْرَ تَابِعٌ فِيهِ) أَيْ فِي النِّكَاحِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَسْخِ (بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ عَدَمَ التَّسْمِيَةِ يُفْسِدُهُ) لِبَقَائِهِ بَيْعًا بِلَا ثَمَنٍ وَهُوَ فَاسِدٌ (عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، بَلْ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ: وَيُقَالُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْبَدَلُ بَقِيَ بَيْعًا بِلَا بَدَلٍ وَهُوَ فَاسِدٌ (فَيُفْسَخُ) أَيْ الْبَيْعُ، قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: فَإِنْ قُلْت: النَّصُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>