بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا رَاكِبَيْنِ حَيْثُ تَكُونُ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّصَرُّفِ (وَكَذَا إذَا تَنَازَعَا فِي بَعِيرٍ وَعَلَيْهِ حِمْلٌ لِأَحَدِهِمَا فَصَاحِبُ الْحِمْلِ أَوْلَى) لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ (وَكَذَا إذَا تَنَازَعَا فِي قَمِيصٍ أَحَدُهُمَا لَابِسُهُ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِكُمِّهِ فَاللَّابِسُ أَوْلَى) لِأَنَّهُ أَظْهَرُهُمَا تَصَرُّفًا (وَلَوْ تَنَازَعَا فِي بِسَاطٍ أَحَدُهُمَا جَالِسٌ عَلَيْهِ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا) مَعْنَاهُ لَا عَلَى طَرِيقِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْقُعُودَ لَيْسَ بِيَدٍ عَلَيْهِ فَاسْتَوَيَا.
عَنْ نَوَادِرِ الْمُعَلَّى. وَأَمَّا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَالدَّابَّةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْعِنَايَةِ (بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا رَاكِبَيْنِ) يَعْنِي فِي السَّرْجِ (حَيْثُ تَكُونُ) أَيْ الدَّابَّةُ (بَيْنَهُمَا) قَوْلًا وَاحِدًا (لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّصَرُّفِ) أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُمْسِكًا بِلِجَامِ الدَّابَّةِ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقَا بِذَنَبِهَا. قَالَ مَشَايِخُنَا: يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ لِلَّذِي هُوَ مُمْسِكٌ بِلِجَامِهَا لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِاللِّجَامِ غَالِبًا إلَّا الْمَالِكُ، أَمَّا الذَّنَبُ فَإِنَّهُ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَالِكُ يَتَعَلَّقُ بِهِ غَيْرُهُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ (وَكَذَا إذَا تَنَازَعَا فِي بَعِيرٍ وَعَلَيْهِ حِمْلٌ لِأَحَدِهِمَا وَلِآخَرَ كُوزٌ مُتَعَلِّقٌ فَصَاحِبُ الْحِمْلِ أَوْلَى لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ) فَهُوَ ذُو الْيَدِ (وَكَذَا إذَا تَنَازَعَا فِي قَمِيصٍ أَحَدُهُمَا لَابِسُهُ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِكُمِّهِ فَاللَّابِسُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَظْهَرُهُمَا تَصَرُّفًا) وَلِهَذَا يَصِيرُ بِهِ غَاصِبًا، كَذَا فِي الشُّرُوحِ (وَلَوْ تَنَازَعَا فِي بِسَاطٍ أَحَدُهُمَا جَالِسٌ عَلَيْهِ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّق بِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا) كَذَا لَوْ كَانَا جَالِسَيْنِ عَلَيْهِ وَادَّعَيَاهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الشُّرُوحِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ (مَعْنَاهُ لَا عَلَى طَرِيقِ الْقَضَاءِ) أَيْ مَعْنَى قَوْلِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ بَيْنَهُمَا لَا عَلَى طَرِيقِ الْقَضَاءِ، وَعَلَّلَ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ: (لِأَنَّ الْقُعُودَ لَيْسَ بِيَدٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبِسَاطِ حَتَّى لَا يَصِيرَ غَاصِبًا بِهِ (فَاسْتَوَيَا) أَيْ فَاسْتَوَيَا الْمُتَنَازِعَانِ فِيهِ فَيُجْعَلُ فِي أَيْدِيهِمَا لِعَدَمِ الْمُنَازِعِ لَهُمَا. هَذَا وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ فِي حَلِّ هَذَا الْمَقَامِ: لِأَنَّ الْيَدَ عَلَى الْبِسَاطِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِإِحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ؛ إمَّا بِإِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ حَسًّا بِالنَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ، وَإِمَّا بِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْبِسَاطِ فَإِنَّا نَرَاهُ مَوْضُوعًا عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ لَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا وَلَا فِي يَدِهِمَا وَهُمَا مُدَّعِيَانِ يَقْضِي بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدَّعْوَى انْتَهَى.
أَقُولُ: يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا الشَّرْحَ لَا يُطَابِقُ الْمَشْرُوحَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ: مَعْنَاهُ لَا عَلَى طَرِيقِ قَضَاءٍ وَهُوَ يَقُولُ يَقْضِي بَيْنَهُمَا فَبَيْنَهُمَا تَدَافُعٌ ظَاهِرٌ. فَإِنْ قُلْت: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ لَا عَلَى طَرِيقِ الْقَضَاءِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، وَمُرَادُ الشَّارِحِ يَقْضِي بَيْنَهُمَا قَضَاءَ التَّرْكِ فَلَا تَدَافُعَ بَيْنَهُمَا.
قُلْت: لَا مَجَالَ لَأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ بَيْنَهُمَا هَاهُنَا قَضَاءَ التَّرْكِ أَيْضًا، إذَا لَا بُدَّ فِي قَضَاءِ التَّرْكِ مِنْ أَنْ يَعْرِفَ كَوْنَ الْمُدَّعِي فِي يَدِ الْمُدَّعِي كَمَا يُفْصِحُ عَنْهُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ أَيْضًا هُنَاكَ وَصَاحِبُ النِّهَايَةِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ فِيمَا سَيَجِيءُ فِي مَسْأَلَةِ التَّنَازُعِ فِي الْحَائِطِ حَيْثُ قَالَ: وَمَعْنَى الْقَضَاءِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إذَا عَرَفَ كَوْنَهُ فِي أَيْدِيهِمَا قُضِيَ بَيْنَهُمَا قَضَاءَ تَرْكٍ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ كَوْنَهُ فِي أَيْدِيهِمَا وَقَدْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مِلْكُهُ وَفِي يَدَيْهِ يَجْعَلُ فِي أَيْدِيهِمَا مَعًا لِأَنَّهُ لَا مُنَازِعَ لَهُمَا لَا أَنَّهُ يَقْضِي بَيْنَهُمَا انْتَهَى. فَإِنَّهُ يَظْهَرُ مِنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ قَضَاءِ التَّرْكِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْجَعْلِ فِي أَيْدِيهِمَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا عَرَفَ كَوْنَ الْمُدَّعِي فِي أَيْدِيهِمَا وَالثَّانِي فِيمَا لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute